الدمام - فايز المزروعي:
توقع خبير في السياسات النفطية والإستراتيجية، أن تعمد شركة أرامكو السعودية إلى إعادة تقييم مشاريعها المستقبلية، خصوصاً التي كان مخططاً لها على المدى القصير خلال الفترة المقبلة عقب انخفاض أسعار النفط بنحو يفوق 50 بالمائة عما كانت عليه في أوائل عام 2014 وقد تعلق البعض منها، مؤكداً في الوقت ذاته أن هذه الخطوة ليست بالأمر السيئ، وإنما هي قراءة جيدة للواقع في ظل الأسعار المنخفضة للنفط، فالمملكة تمتلك سياسات نفطية كبيرة ومدروسة تجعلها من أفضل دول العالم في التعامل مع جميع الأزمات النفطية.
وكانت مصادر قد كشفت في وقت سابق، عن تعليق «أرامكو» خططاً لبناء محطة للوقود النظيف في مصفاة رأس تنورة، وكان من المقرر أن ينفذ مشروع الوقود النظيف الذي يشمل وحدة لتكسير النفتا ضمن المرحلة الثانية من تطوير مصافي أرامكو، وأن يبدأ التشغيل في 2016، وبحسب ما بثت وكالة «رويترز» فإن أحد هذه المصادر قال: «سيؤجلون المشروع عاماً وسيعيدون طرح عملية تلقي العروض»، وأضاف مصدر آخر أن ذلك التعليق يأتي في إطار عملية إعادة تقييم تجريها «أرامكو» لمشروعاتها.
وهنا، أوضح لـ «الجزيرة» رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الإستراتيجية الدكتور راشد أبانمي، أن شركة أرامكو السعودية لديها من الإستراتيجيات والخطط الكفيلة التي تأقلمها مع تطورات أسعار النفط سواء بالانخفاض أو الارتفاع، حيث تحرص دائماً على الأولويات لمشاريعها، لافتاً إلى أن ما ذكر حول تعليق خطتها لبناء محطة للوقود النظيف بتكلفة ملياري دولار في أكبر مصفاة تابعة لها في رأس تنورة يُعتبر ضمن هذه الخطط، ورؤيتها في أن هذا المشروع لن يكون مجدياً اقتصادياً بالنسبة لها في ظل الانخفاض الملحوظ في أسعار النفط، حيث إن «أرامكو» لديها المرونة الكافية للتكيف مع انخفاض أسعار النفط أو ارتفاعها كما حدث في السابق عندما عزف معظم دول منظمة أوبك عن الاستثمار في الصناعات النفطية المختلفة، بينما كانت «أرامكو السعودية» سبّاقة في الاستثمار الكبير ورفع الطاقة الإنتاجية للمملكة إلى ما يقارب 12.5 مليون برميل يومياً، وما زال العمل على الاستثمار في رفع الطاقة الإنتاجية مستمراً إلى أكثر من ذلك، ما انعكس حينها بالإيجاب على السوق النفطية بكاملها، حيث لبّى النفط السعودي احتياجات النمو الاقتصادي السابق وارتفاع الطلب على النفط في ذلك الوقت، بينما الدول الأخرى لم يكن في استطاعتها رفع إنتاجها النفطي لمقابلة الازدياد في الطلب، بسبب عدم استثمارها في القطاع النفطي نظراً لتدني الأسعار.
وبيَّن أبانمي، أنه في حال استمرار انخفاض أسعار النفط، سنرى شركة أرامكو تعمل على تعليق مشاريع كان مخططاً لها على المدى القصير لعدم جدواها الاقتصادية في حال استمرار انخفاض الأسعار، وقد تتجه إلى الاستثمار في مجالات نفطية نتيجة لانخفاض الأسعار، حيث تعد فرصاً استثمارية ناجحة، لكون انخفاض الأسعار يمكن الاستفادة منه في انخفاض تكلفة المشاريع الجديدة والفرص الاستثمارية في المجال النفطي، أما على البعيد فأعتقد أن خطط الشركة بعيدة المدى لن تتأثر بهبوط أسعار النفط، لكونها بُنيت على دراسات وتوقعات واستشرافات عديدة.. كما أكد أن تعليق «أرامكو» لبعض المشاريع ليس بالأمر السيئ، وإنما هو قراءة جيدة للواقع في ظل الأسعار المنخفضة للنفط، فالمملكة تمتلك سياسات نفطية واضحة ومدروسة تجعلها من أفضل دول العالم في التعامل مع جميع الأزمات النفطية، حيث تتضمن أهدافها من خلال شركة أرامكو السعي إلى بناء قطاع طاقة مزدهر من خلال تطوير اقتصاد فعّال في استهلاك الطاقة وتطوير خيارات بديلة للطاقة واستحداث تقنيات متقدمة، وتقديم شركة تتمتع بالحيوية والمرونة والكفاءة لتحقيق التميز التشغيلي والموثوقية العالمية والأداء المأمون من خلال فعالية العمل المتطور واتخاذ القرارات الذكية وإجراءات وضع الموازنة وقياس الأداء المميز وتحسين طريقة العمل.
وأضاف أبانمي «أن سياسة أو منهج المملكة النفطي المتزن سواء من خلال وزارة البترول أو شركة أرامكو أو غيرهما من الجهات، يجعلها مصدر اطمئنان للاستقرار النفطي المحلي والعالمي، فطبيعة السوق النفطية تمر بفترات يكون فيها شح في العرض ترتفع خلالها الأسعار، ثم تتدفق الاستثمارات للقطاع النفطي ويرتفع الإنتاج وتنهار الأسعار وهكذا، وهنا تكمن أهمية وجود من يعمل على تنظيم السوق وتوازنه.»