إن شمائل المرأة العربية وأخلاقها الحميدة، لهي أجمل صفة تتحلى بها، فقد كانت بحكم البيئة والمجتمع القديم رغم تسلط الرجل وتعسفه واستئثاره بكل شيء إلا أنها تحتفظ بمزايا فطرية عظيمة ونبيلة كالشجاعة والجرأة الأدبية والعفاف والكرم والوفاء وحفظ الجار وإغاثة الملهوف والعفو عند المقدرة إلى غير ذلك من الأخلاق الفاضلة والمزايا الحميدة.
وحديثنا هنا عن إحدى تلكم النسوة اللاتي خدمن مجتمعهن أيما خدمة في زماننا هذا.
فالحديث عن «ترفه الحراث» تلك المربية الفاضلة لا تختصره سطور وأحرف بسيطة؛ فهي الأم، وهي المربية، وهي المعلمة التي عملت واجتهدت طيلة سنوات طوال مضت كي يؤتي هذا الجهد ثماره وأُكُله.
بدأت هذه المربية الفاضلة مسيرة عملها كمعلمة في عام 1405هـ في ابتدائية قرية عين الحواس، ومن ثم انتقلت إلى ابتدائية العقيلة ولمدة عام ثم إلى الابتدائية التاسعة بالقريات وأخذت الحراث على عاتقها حرث العقول البكر لطالباتها لزرع المفاهيم والقيم الإسلامية السمحة وحب الخير للجميع وحب الوطن والتفاني له والتعلق بالعلم والمثابرة لتحقيق الطموح والآمال والتطلعات.
تحيط بناتها الطالبات باهتمامها البالغ كي يكُنّ من المتميزات المتفوقات، فـ»ترفه الحراث» جمعت ما بين قيامها على تربية أبنائها وما بين عملها كمعلمة إذ كان زوجها «يرحمه الله» قبل وفاته مُقعداً لا يستطيع الحراك فكانت هي من يقوم على شئونه وخدمته وشئون أسرتها وتربية أبنائها، فقد حَمّلها القدر ما لا يستطيعه الرجال، فضلاً عن النساء، فهي بعد أن أصبح زوجها مُقعداً ومن ثم وفاته هي أصبحت الأب والأم لأبنائها وبناتها، فقد عاهدت الله أن يكونوا من خيرة الأبناء خُلُقاً وعلماً وتعاملاً/ وقد تحقق لها ذلك والحمد لله.
هذه المرأة الفاضلة تمثل أنموذجاً للتعامل الراقي والتربوي مع بناتها الطالبات في المدرسة ومع زميلاتها المعلمات والموظفات، تميزت بالسلوك الحسن في التعامل مع الأخريات، وظلت مضرباً للمثل في حسن وكرم الخلق.
كانت من ضمن آلاف المعلمات النوادر في الإخلاص والتفاني بالعمل، فهي بالمنزل تربي أبناءها على فضائل الأخلاق وعلى الإخلاص وعلى حب الغير، وفي المدرسة تربي بناتها الطالبات على هذه الصفات مجتمعة، حتى أجمع كل من عرفها على احترامها وتقديرها والإحساس بالفضل تجاه ما تقدمه من دور تربوي ريادي يحنو على من يكُنّ في محيط مسئوليتها من أبناء بالمنزل وطالبات بالمدرسة.