ما زال الأطفال في قضايا الطلاق التي تحدث بين الأزواج هم الطرف الأضعف والضحية الأقرب ومجالاً لتصفية الحسابات بين الزوجين المنفصلين وتزداد حدة ودرجة الحسابات عندما يكون الزوج المنفصل قد اقترن بأخرى والوقائع المشاهدة داخل أروقة المحاكم التي تموج بالمتخاصمين في قضايا ما بعد الانفصال كالنفقة وزيارة الأطفال لأمهم فبعد صدور الحكم من القضايا يبدأ الالتزام بنص الحكم، وبعد برهة من الزمن تعود الخلافات وتصيّد الأخطاء والعثرات بين المتخاصمين، الزوج وولي المطلقة ولو كان الرضا بأن الانفصال قد قدّر كقدر الاقتران في بادئ الأمر لما طالت فصول النزاعات والخصومات وصار الأطفال ورقة ضغط يستغلها كل من حظي بها، فنجد الزوج يعاني في زيارة الأطفال لأمهم المنفصلة عن والدهم أو طلاق أو غيره فيرى من ولي المطلقة شتى أصناف عدم المبالاة والتهميش فلا اعتبار ولا تقدير مما يجعل الزوج المنفصل في موقف محرج أمام أطفاله، بل إن من الأزواج من يعد مواعيد الزيارة كابوساً مزعجاً بسبب ما يراه من المماطلة وسوء المعاملة والسعي بتحريض الصغار على والدهم وزوجة أبيهم لا لذنب اقترفته سوى أن قدرها أن تقترن برجل كان قدره الانفصال عن زوجته الأولى، ولكل شيء سبب فقد يكون الانفصال نابعاً من سوء معاشرة جعلت الحياة بينهما جحيماً لا يُطاق فيكون الفصل الأخير في المسرحية الحياتية الانفصال الذي يخلف وراءه الكثير من المعاناة والضحايا، ولكون القاضي هو المخول في وضع ضوابط تحقق التواصل بين الأطفال وأمهم المنفصلة في جو يسوده الاحترام والرضا بالنصيب وعدم الزج بالأطفال في معركة الخلافات وتصفية الحسابات وليعلم ولي أمر المطلقة أن ممارسته لأساليب تثير حفيظة الزوج المطلق والتي سيكون نتائجها وانعكاساتها على أطفال أبرياء لا حول ولا قوة لهم فيما يدور حولهم، ولتعلم الأم أيضاً أن دموع أطفالها ثمينة لا تقدّر بأي متاع وزينة في هذه الحياة الدنيا، ولتعلم كذلك أن فطرة المرأة السوية تجعلها ترفض كل شكل من أشكال جرح مشاعر أطفالها، إنها تعلم علم اليقين أن زوجها المنفصل قد اقترن بأخرى يأتي إليها كل ليلة وتخفف عن كاهله متاعب اليوم فمن يخفف عن أطفالها لوعة الفقد لحنان الأم الذي ربما يجدونه عند والدهم أو زوجته الجديدة ونخشى أن يكبر الأبناء ويشبوا على الاستغناء عن والدتهم والشوق لها والشعور بها أسوة بغيرهم ولنا في قضاة اليوم أمل كبير في إحداث قنوات تواصل إلزاميبين الأطفال ووالدتهم من خلال الاستفادة من التقنية الحديثة ومحاسبة أي طرف يحول دون رؤية الصغار لأحد والديهم.