أشير إلى ما نشر في جريدة الجزيرة الغراء يوم الأحد التاسع والعشرين من شهر صفر لعام 1436هـ، بعنوان (نجاح خطة نقل المرضى إلى مستشفى الصحة النفسية الجديد بالقصيم) بسعة (200) سرير.
إذ ورد في الخبر أن الشؤون الصحية بمنطقة القصيم قامت بنقل المرضى من مستشفى الصحة النفسية القديم إلى المستشفى الجديد، حيث تم نقل (134) مريضاً نفسياً خلال فترة زمنية قصيرة لم تتجاوز الساعتين.
أقول إن المبنى الجديد لهؤلاء المرضى النفسيين والذي طاقته تستوعب (200) مريض لا يفي مستقبلاً باحتياج المنطقة (منطقة القصيم) لذوي الأمراض النفسية الذين يزيدون يوماً بعد يوم في جميع مناطق المملكة وليس منطقة القصيم فحسب. وهذه الزيادة نتيجة للاضطرابات النفسية والعقلية لتعقد الحياة الأسرية والاجتماعية مما نتج عنها ضغوط على الحياة اليومية لبعض الأفراد في المجتمع لسوء المعاملة من بعض الأسر وقلة الموارد المالية المعيشية نتيجة للفراغ الذي يعيشه هؤلاء المرضى (لقلة الوظائف الحكومية والأهلية، ويصاحب ذلك تدني المستوى التعليمي).
فيجد بعض هؤلاء الأفراد أنه يعش في دائرة مغلقة لا يجد مخرجاً منها إلا ممارسة سلوك مضاد للمجتمع وقوانينه من (سرقات أو تعاطي بعض المخدرات). وهذا يجره إلى (ثلة) من رفاق السوء الذين يزينون له بعض المواقف وممارسة بعض المحذورات والسلوك المضاد للمجتمع الذي تعاقب عليه (الشريعة الإسلامية)، فنجد بعضهم يلجأ إلى حضون هؤلاء المنحرفين ويهرب من واقعه ويلجأ إليهم مفضلاً العيش معهم ضارباً بكل قيم ومبادئ وتقاليد وعادات المجتمع السليمة والصحيحة، مفضلاً ممارسة سلوك اللذة العاجلة حتى يهيم على نفسه ويصبح مريضاً نفسياً أو عقلياً أو متعاطي مخدرات وإدمانها.
لذا اهتمت الدولة بهؤلاء ممثلة بوزارة الصحة لرعاية هؤلاء رعاية اجتماعية (صحية نفسية طبية)، فأنشأت ما يسمى (بمستشفيات الأمل للصحة النفسية) في أكثر مناطق المملكة، حيث أنشئ أول مستشفى للصحة النفسية في شرق مدينة الرياض، وقد واكب إنشاء هذا المستشفى كمندوب لوزارة الشؤون الاجتماعية منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً، وقد كان هذا المستشفى من خطط له قد اجتهدوا في سعته واستيعابه لذوي الأمراض النفسية ومستعملي ومتعاطي المخدرات والمسكرات على المدى البعيد، لكن هذا الاجتهاد خانهم وهذا ما حصل بعد سنوات عدة، إذ اكتظ هذا المستشفى بالمنومين وفاقت طاقته الأعداد المخطط لها، وأصبح المستشفى لا يستقبل حالات العلاج والتنويم، أصبح يصرف للمرضى النفسيين والمدمنين ومتعاطي المخدرات (العقاقير من أجل علاجهم).
ولكن هذا لم يجد لأن المريض لا يتعاطى العلاج وأسرته لا تستطيع إجباره على هذا العلاج لأنه يرفضه فهو بحاجة إلى تنويم ومتابعة علاجه، فأصبح المستشفى يرفض استقبال حالات التنويم بحجة عدم وجود (أسرة وغرف للتنويم)، وانسحب هذا على (مستشفى الأمل والصحة النفسية في حي (عرقة) بعد الانتقال له من المستشفى الأول في شرق الرياض الذي أشرنا إليه، وأصبح لا يتم التنويم إلا بمنتهى المشقة، فأصبح ذوو الأمراض النفسية هائمين على أنفسهم، وقد حصل منهم اعتداءات على أفراد أسرهم وأفراد المجتمع حتى وصلت إلى حد القتل.
وكل ما أخشاه أن ينسحب هذا على مستشفى الصحة النفسية الجديد بمنطقة القصيم طالما أن استيعابه (200) سرير والموجود فيه حالياً (134)، فعلى المسؤولين في الشؤون الصحية بمنطقة القصيم (النظر في توسعة هذا المستشفى للمستقبل إذا كانت حالة المبنى تستوعب هذه التوسعة)، لأن الحالات النفسية تزداد للمبررات التي ذكرناها في مقدمة هذه المقالة.
- مندل عبدالله القباع