تونس - فرح التومي - الجزيرة:
تستمر المشاورات بنسق حثيث جداً في سباق مع الساعة داخل حزب حركة نداء تونس وعدد آخر من الشركاء السياسيين لحسم اسم المرشح لرئاسة الحكومة المقبلة، بينما لم يتبق من المهلة القانونية سوى يوم واحد، باعتبار أن الدستور يحدد آخر أجل لاقتراح رئيس للحكومة الجديدة على رئيس الدولة بيوم غد الاثنين 5 يناير 2015، على أن يتولى الباجي قائد السبسي تكليفه في اليوم نفسه بتشكيل فريقه الحكومي خلال مدة لا تتجاوز الشهر.
وكانت مصادر مطلعة بحركة نداء تونس قد كشفت أنه بات من شبه المؤكد أن رئيس الحكومة الجديد سيكون من خارج الحركة، نافية في الآن ذاته أن تكون هذه الشخصية من المعارضة.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أنه سيتم تشكيل حكومة كفاءات وطنية مدعومة بعدد من الشخصيات الحزبية، ولن تشمل وزراء من حركة النهضة، إلا أنها شددت على أن النهضة تظل معنية بتسمية واختيار الوزراء، وأن نداء تونس لا يرغب في تجاوز مواقف قيادات النهضة حتى يتم التوافق معها على طول الخط.
وكانت تسريبات قد بيّنت أن تياراً قوياً استئصالياً في النداء رفع فيتو في وجه محاولات بعض القيادات الندائية تمرير بعض الأسماء النهضوية لتتقلد حقائب تقنية بحتة.
وفي المقابل، رفعت النهضة فيتو في وجه الطيب البكوش، الأمين العام لحركة نداء تونس، عندما تم ترشيحه لترؤس الحكومة الجديدة؛ وذلك على خلفية العداء الشديد الذي يكنه البكوش لحركة النهضة، التي يبدو أنها تبادله المشاعر نفسها.
وتقول أطراف مقربة من نداء تونس الفائز في الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة إنه من المنتظر أن تكون الحكومة المقبلة حكومة كفاءات سياسية، على أن تضم 35 حقيبة موزعة على 22 وزيراً و3 وزراء منتدبين و10 كتّاب دولة وزراء دولة، ومن المتوقع أن تضم 3 أقطاب كبرى، هي القطب الأمني والقطب الاقتصادي والقطب الاجتماعي، وسيتكفل بتسيير تلك الأقطاب 3 وزراء منتدبين.
من جهته، قال الناطق الرسمي باسم بحزب الاتحاد الوطني الحر محسن حسن أن حزبه معني أكثر بالحقائب الوزارية ذات الصبغة الاقتصادية، دون استبعاد الوزارات السيادية، مشيراً إلى وضع حزبه برنامجاً اقتصادياً واجتماعياً طموحاً، ومؤكداً أنّ للاتحاد الوطني الحر كفاءات في مجالات خاصة عدّة في المجال الاقتصادي والاجتماعي، موضحاً أنَّ مشاركة الحزب في الحكومة ستتحدَّد وفقاً للبرامج الموضوعة. وأشار حسن إلى أنّ الاتحاد الوطني الحر اتفق مع نداء تونس على الخطوط العريضة للبرنامج الاقتصادي الموحد بينهما، مع وضع تصور أولي واتفاق على أن يكون الفريق الحكومي متكوناً من 35 وزيراً، بمن فيهم كتّاب الدولة.
ويرجح أن يقدم محمد الناصر، رئيس مجلس نواب الشعب الرئيس المؤقت لحركة نداء تونس بعد استقالة السبسي من على رأسها، غداً الزبيدي بوصفه مرشحاً للنداء لرئاسة الحكومة إلى رئيس الدولة. وينتظر أن يكلف السبسي الزبيدي بتشكيل الحكومة، دون أن يكون للسبسي الحق في إبداء رأيه في الأسماء المطروحة.
يُذكر أن ابن ناصر تم تكليفه بترؤس النداء حتى عقد مؤتمره الأول خلال شهر جوان 2015، فيما سجّل مكتبه التنفيذي بعض التغييرات الطفيفة إثر تعيين السبسي لقيادات ندائية في ديوانه الرئاسي.
وتزداد حدة الخلافات التي تعصف بالنداء على 3 مستويات، يتعلق الأول بالتوافق حول الشخصية التي سيدعوها النداء لتشكيل الحكومة الجديدة، فيما يتعلق الثاني بمنح الحقائب الوزارية لأسماء بعينها، أما المستوى الثالث فيتعلق بخلافة السبسي على رأس النداء.
ويقول المتتبعون للشأن المحلي إن نداء تونس تعيش لحظات عصيبة، لم تعرفها منذ عامين من نشأتها، فيما يصر قياديو النداء على أن خلافاتهم عادية، ولا تفسد للود قضية، وهي دليل على ديمقراطية الحركة.. إلا أنه فاتهم أن الديمقراطية لا تعني البتة تغليب المصلحة الذاتية على المصلحة العليا للوطن.