يترافق مصطلح التطرف في أذهاننا غالباً مع الأمور الدينية - ومع الإقرار بوجوده - إلا أن المقصود في هذه المقالة هو التطرق بإيجاز إلى التطرف بمعناه العام والشمولي كالتطرف الفكري والعاطفي والاجتماعي وغير ذلك. يعرف التطرف عادة بأنه التزام طرفي النقيض والبعد عن التوسط والاعتدال، فالشخص المتّسم بالتطرف فكرياً على سبيل المثال إما أن يمتدح أو يذم، وإما أن يتبنّى أو يقصي، إطلاقه للأحكام على الناس والأشياء من حوله تكون دائماً بشكل قطعي، وغير قابلة للتفاوض وكأن المنطقة الوسطى في رؤيته مخصصة للعبور وليس للإقامة. يرتبط التطرف بمسببات تربوية وبيئية متعددة لكن في نظري أن السمات الشخصية لاعب أساسي في موضوع التطرف. فالمتطرف عادة وعلى المستوى الشخصي لا يتسم بالعقلانية والتجرد والتروّي بل على العكس تماماً نجد التهور والإقصاء والتأجج العاطفي أهم ما يميّزه، فتبقى منهجية التفكير لديه متأثرة ومُصطبغة بهذه السمات، فإذا اعتقد بشيء أو آمن به تصلب وتزمّت وإذا انتكس فالانتكاسة تكون أيضاً بنفس الدرجة. القسوة في التنشئة أو التربية أيضاً من الأشياء التي تهيئ وتمهد الطريق لخروج الأبناء غير متوازنين عاطفياً مما يؤثر على التركيبة النفسية لهم، فبالتالي تتشكل نظرتهم للمجتمع بحدة وتطرف وغالباً ما يشوبها الكره والاستعداء. فالاعتدال في طرق التربية وتهيئة الجو الأسري المستقر مهم وضروري لأن الأسرة هي النواة للمجتمع وفيها تتكون المفاهيم الأولى والرئيسية للأبناء عن ما حولهم. للتطرف إفرازات سيئة مهما كانت أوجهه فهو حاضن لكثير من المشاكل ويسبب الجمود ويحول دون معرفة طبيعة الأشياء وحقيقتها بعكس الوسطية التي دائماً فيها المكاسب وخيرية الأمور.