رش جسده الرياضي، الخالي من الدهون، كأنه نحت من صخر بعطر فواح. غطى جسده الممشوق القوام بقميص من ماركة بولو وردي اللون وبنطالاً من ماركة لوكست أبيض كالثلج، وارتدى الحذاء الإيطالي، ليقفز درج قصر والده حتى وصل إلى الخارج، ثم قفز أخرى إلى سيارته الفيراري الرياضية الحمراء، هدية والده في ذكرى ميلاده الواحد والعشرين بتوصيات والدته بكونه وحيدها ورابع أبناء والده الثري من زوجاته.
التهم الطريق بإهمال كبير وأمسك بالهاتف النقّال الذي لمع كالنجم يحمل اسم وردة 34. رد قائلاً: أخيراً اقترب اللقاء يا وردتي بعد أن عذبتني شهور، فرد صوت خجول على الطرف الآخر: أنا في أحر الأشواق إليك.
ثم أرسل رسالة قصيرة على الواتس أب تحمل رقم 34 لمجموعة وجاءت الردود سريعة كالبرق بصور أصابع مرفوعة ووجوه مبتسمة وذئاب مكشرة. وقفة قصيرة عند بوابة أحد المجمعات لتصعد فتاة فارعة الطول تنقبت وكشفت من عينيها ما يلهب قلب أقوى زاهد. قابلها بابتسامة وصعدت مترددة حتى ملأ عطرها جوف السيارة. تبادلا التحيات بوجل هي، وبشوق هو. قالت: إلى أي مطعم يا خالد سنذهب؟ فرد بابتسامة صفراء: المطاعم هذه الأيام ليست أمنة يا قلبي!
لكنك قلت مكان عام، انخفض صوتها وعلا شذى عطرها فرد بسرعة بصوته يملئه الحنان: يا حبيبتي, طلبتي اللقاء لنرى بعضنا بعض ثم كيف تخافين من زوج المستقبل ووالد أبنائك القادمين.. ثم أمسك بيدها. جفلت في البداية لكن سرعان ما أعاد المحاولة واستسلمت له. توقف أمام شقة في حي قيد الإنشاء ونزل مسرعاً وفتح لها الباب لكنها ظلت بالسيارة. نظر إليها مشجعاً: الآن أنزلي يا عطر حياتي؟ قالت بوجل: لنظل في السيارة! فرد ممسكاً بيدها لتترجل: هل تردين أن يرنا الناس وتصبح فضحية، لا عليك،كلها دقائق فقط نجلس سوياً لنتفق على أمور الزواج وترتيبات الحفل ثم تعودي كما كنت إلى حيث أخذتك.
لم يطل ترددها ونظراته الفاتنة قضت على آخر مخاوفها صعدت معه إلى الشقة تتقدمه حتى وصلا إلى الباب. فتح الباب، ولجت أمامه وفجأة تراءت له النجوم وتلقف الأرض.
أفاق خالد وفتح عيناه لتستقبل عيناه، سواداً معتماً وألماً فطيعاً في رأسه، سمع همهمات من جانبيه. اكتشف أنه مقيد إلى كرسي برباط يكاد يمزق معصمه. صاح برفاقه: نادر وجاسم أين أنتما؟ رُفع القناع فجأة بقسوة ليشاهد رجلاً مفتول العضلات ملثماً ينظر إليه شزراً. التفت جانباً ليشاهد نفسه بملابسة الداخلية وكذلك رفاقه وخلفهما ثلاث رجال أشداء, جاسم عينه متورمة ونادر يبكي بصمت. هنا قال الملثم بصوت أجش: اسمعوا أيها الحمقى، أموالكم وسيارتكم وهواتفكم معنا وقمنا بتصوريكم في مواقف مذلة، رفع سبابته الضخمة موعداً, إياكم والشكوى وإلا فضيحتكم ستطول العالم. ثم أشار لرفاقه وتركوهم وذهبوا. جالت عيني خالد في غرفة النوم التي طالما عاثوا بها وتوقفت عيناه على المرآة وقد رسم عليها بأحمر الشفاة.. 34
- علي الماجد