قبل أيام أُقيم معرض للتوعية بترشيد المياه، وشاركت الجمعية السعودية للثقافة والفنون بتنظيم المعرض.
إلى هنا والأمر جميل، وما تقوم به جمعية الثقافة (فرع الرياض) من جهود لا يمكن إغفالها أو تجاهلها، لكن الأمر يتعلق باسم المعرض (ترشيد المياه في الفن التشكيلي)؛ إذ يتبادر لقارئ العبارة أن التوجيه والتوعية يعنيان التشكيليين حينما يتعاملون مع الماء في لوحاتهم. وكان يفترض أن يسمى المعرض (معرض الفن التشكيلي للتوعية بترشيد المياه)، وهو الأمر الثاني في موضوعنا اليوم، وأعني به سبل التعبير، وجهل بعض منظمي المعارض ومثل هذه الفعاليات بها. ترشيد المياه، ترشيد الكهرباء، أسبوع المرور، أسبوع الشجرة، وصولاً إلى اليوم العالمي للمكفوفين والمعاقين.. إلخ؛ إذ إن هناك فرقاً بين الفن التشكيلي بكل فروعه وأساليبه وتصميم البوستر الذي يختص بالتوعية؛ إذ كان المفترض أن لا يُقحم الفن التشكيلي في مثل هذه المناسبات، وإنما يفعل وينشط دور الجرافيك والتصميم بكل سبله اليدوية التقليدية، أو بما هُيئ من أدوات معاصرة عبر برامج التصميم في الكمبيوتر (الفنون الرقمية)..
وللأسف، إن هذا الواقع من الخلط يقع فيه من لديهم الخبرة والمعرفة بالفارق بين الأداتين أو المجالين، وعلى درجة عالية من الوعي، ويحملون مؤهلات تخصصية، والكثير منهم خريجي أقسام التربية الفنية بجامعاتنا التي تقدم الكثير من الخبرات، منها تصميم البوستر الإعلاني والتوعوي.
هذا الجهل بسبل التعبير يظهر لدى مَنْ أوكل لهم تنفيذ هذه المعارض، وكذلك تجاهلهم السبل الأخرى (دروس التصميم) التي يجب أن يكون لها حضور وتفعيل في المسابقات التي تستهدف الأجيال في مراحل التعليم العام والجامعي، لأهميتها في مجالات التوعية، فهماً لقيمتها وكسباً لجوائز مسابقاتها.
إن مثل هذا الجهل والخلط يكشف لنا أموراً كثيرة في عالم الفن التشكيلي، ويؤكد أنها من أسباب تردي سبل الوصول إلى الجمهور بالمفهوم الحقيقي لهذا الفن، ويذكرنا بما يحكى من طرائف عن بعض من يدعي الفهم من العمالة، حينما يستعرض لك (بالكلام) أن لديه المعرفة بالسباكة والنجارة والتلييس والكهرباء، مع أنه لا يجيد إلا واحدة منها، اكتسبها من خلال الحلاقة (في رؤوس...).
ومن المؤسف أن هذه الأخطاء تقع في زمن يمكن اكتساب المعلومة فيه، من خلال لمسة زر حبيبنا (قوقل)؛ ليتعرف هؤلاء على الفارق بين رسم اللوحة أو إنجاز قطعة نحت، تحملان خبرات الفنان وفكره وثقافته العالية بإبداعه، وما لهذا الفن من قواعد وأسس في بناء العمل شكلاً وأبعاداً لا حصر لها.. لا تتوقف عند حد أو زمن، وبين بوستر إعلان له مقوماته وأسسه ومهمته وخصوصيته في إيصال الفكرة للمتلقي في حدود الفكرة والزمن والهدف