أتوقع أنّ معالي وزير المالية، يطّلع يومياً على الوضع العام للفرد من خلال ما تتناوله وسائل التواصل من جهة, ومن خلال دوافع السرقات من جهة أخرى, ومن خلال انتشار السائلين الناسَ، والمنتشرين منهم جوار المحطات الخدمية، وعند مداخل الأسواق التجارية أيضاً، وكذلك من خلال تلك «الوسوم» في الفضاء الإلكتروني التي يؤسسها المديونون تحمل عناوين مثل
«سددوا ديون أمي»، أو «أحتاج للمساعدة»، أو «مديون اقضوا عني»، إضافة إلى قوائم القروض الشخصية في البنوك للمعوزين لا المستثمرين..، وتلك الأعداد من الموقوفين بسبب الديون وتعثُّرهم في سدادها ممن يشملهم العفو، وممن لم تصل ديونهم خارج أسوار صدورهم المكبلة بها..
ومن خلال كل هذا الذي أسمع، وأقرأ، وأرى، فإنني أتوقع أيضاً أنه سيتقبل مقترحاً أضعه بين يديه لهؤلاء المعوزين، وأتوقع أنه سوف يشحذ همة وزارته لتحقيقه, ذلك بعد أن يوجه بالبحث, والتقصي عن «الحاجة» الماسة لأولئك، ونظرائهم المنطوين على جمر ديونهم, لأنّ شأنهم مادي في درجته الأولى، وأهميته الرئيسة.., وتحديداً الذين لا طاقة لهم..
كما أتوقع أنه لن يقف صامتاً، بل سيبذل جهداً نتوقعه في حل هذه الإشكالية «المالية» الصرفة.., التي تقض مضجع الفقير, ولا تنيم عين المضطر.., لأنّ هذا المقترح لا أرى أنه من شأن «وزارة الشؤون الاجتماعية» بل أراه ينصرف للمالية، فدور وزارة الشؤون الاجتماعية يلتقي في جوانب أخرى ماسة للحالات الفردية، والأسرية في جوانب أخرى معيشية بعضها مادي، ومع أنّ محور مشكلات الأُسر, والأفراد تنشأ عن العوز، والفاقة وهما أس التأخر تمدناً, ووعياً, وسلوكاً،.. غير أنّ ما أعنيه هو الديون التي يضطر إليها المحتاج,, ولعلهما يمدان بعضهما من أجل مواجهة ديون المعوزين بوضع خطة، واستراتيجية يتفقان على بنودها إن رأى ذلك.
إنني أقترح على معاليه أن يؤسّس (صندوقاً خاصاً لسداد الديون) يختص بتسديد ديون من لا يستطيع,.. ينشئه, ويشكل له إدارة مختصة, لمواجهة الحالات الصعبة التي لا يستطيع مواجهتها كاهل المديونين, بعد دراسة الحالات وحصرها، ومن ثم رفع الدَّين عنها..
يشجعني على طرح هذا المقترح حركة التطوير التي يقودها خادم الحرمين - حفظه الله - نحو الفرد, التي بدأت بمعونة الخمس عشرة في المئة من الرواتب التي أضيفت بعد غلاء المعيشة، ثم بتعزيزه دخل الفرد في الضمان الاجتماعي, وبزيادة قيمة قروض البناء، وبتسهيل وحدات الإسكان, وما تلاه من تطوير الخدمات، وتيسير الطرق, وتنظيم فرص العمل, وفتح نوافذ القضاء على البطالة, واحتواء كثير من مشكلات الأفراد، عزّزها رعاه الله بتقليد مناصب الوزارات الخدمية المرتبطة بالفرد بدماء جديدة، وجعل - حفظه الله - أول مهامها «قضاء حوائج الفرد»... ولعل أول حاجاته ما له مساس بكرامته، وسلامه النفسي وهو أن يتم تفريغ فكره من هموم الديون.. وحاجته للناس.
ولأنّ وزارة المالية هي المرجع المالي الأول، فإنني أقترح لوزيرها الموقر أن ينشئ هذا الصندوق، وأثق أنّ المقام السامي بأبوّة عبدالله بن عبدالعزيز، لن يرفضه أبداً حين يُرفع إليه من قِبله.....
وفّق الله الجميع، وسدّد خطاهم.