في إعلان الميزانية العامة للمملكة العربية السعودية للعام 1436 - 1437 الذي تم الأسبوع الماضي، قدرت الإيرادات بـ 715 مليار ريال، وحددت النفقات التقديرية بـ 860 مليار ريال، ومتوقع عجز بـ145 مليار ريال.
بدأت الميزانية جيدة وتضمنها حجم الدين العام 60 مليار ريال، وأيضاً متوقع دعم الميزانية من الفوائض لدعم تطوير البنية التحتية. الميزانية تبدو صحية في ظل ظروف المخاوف من أسواق النفط.
بلغ ما تم تخصيصه لقطاع التعليم العام والتعليم العالي وتدريب القوى العاملة 217 مليار، وهذا يمثل أكثر من 25% من النفقات المعتمدة بالميزانية. وتتضمن المشروعات التعليمة في التعليم العام تنفيذ مبان لمجمعات تعليمة ومدارس لكافة مراحل التعليم العام للبنين والبنات بمختلف مناطق المملكة تصل إلى 3000 مدرسة على مدى خمس سنوات بمبلغ 42.5 مليار ريال، و5.5 مليار ريال لتأهيل مبان قائمة، و2.5 مليار لتجهيز المدارس بوسائل الأمن والسلامة، و1.1 مليار ريال للتعليم الإلكتروني. والمضي قدماً بهذه المشروعات يدعم إستراتيجية الاستثمار في البنية التحتية.
تم تنفيذ بناء 356 مدرسة جديدة بمختلف مناطق المملكة خلال العام المنصرم 2014، ويجري حالياً تنفيذ 1680 مجمع ومدرسة. هذا، وقد سبق إنجاز 494 مدرسة جديدة عام 2013، أما في عام 2012 كان قد تم تنفيذ 750 مدرسة جديدة، وفي عام 2011 تم تنفيذ 920 مدرسة.
يتضح من هذه الأرقام تدني مستوى إنجاز بناء المدراس، فقد انخفض الإنجاز من 920 مدرسة عام 2011 إلى 356 مدرسة خلال 2014، وهذا الانخفاض تدريجي بالاتجاه السلبي. انخفاض من 920 مدرسة إلى 356 مدرسة خلال 4 سنوات انحدار مخيف وسوء الأداء للأعمال، أي انخفاض ثُلثين (61%).
عند الرجوع إلى إحصائية المدارس المستأجرة عام 2011، كان عددها 11 ألف مدرسة مستأجرة (42% من 26 ألف مدرسة). ومنذ ذلك الحين تم بناء 2520 مدرسة فقط، ويوجد حالياً تقريباً 8500 مدرسة مستأجرة، أو 33% من المدراس.
هذه أرقام لا تتوجب الوقوف عندها فقط، بل تتطلب مراجعة الأعمال في مشروعات بناء المدارس، فالمشكلة الأولى أن المدارس المستأجرة المتبقية 8500 مدرسة وتحتاج لأكثر من 10 سنوات لبنائها كمرافق تعليمية تواكب الخطط المرسومة، والمشكلة الثانية أن مستوى الإنجاز في تدني ومنحنى خطر، حيث إن نسبة التدني فقط في السنة الأخيرة أكثر من 28%، ونسبة التدني في التنفيذ خلال 4 سنوات أكثر من 61%.
هذا الإخفاق في التنفيذ يفرض (قفز) مرحلة تحليل ومراجعة أسباب تدني مستوى تنفيذ مشروعات التعليم إلى التأكد من توفير عوامل النجاح الأساسية لتطوير المشروعات، وهي (1) تعيين الكفاءات القائمة على الأعمال في جميع مستوياتها من الإدارة العليا إلى الفنيين والمهندسين، (2) تأسيس منظومة لـ «هندسة وإدارة المشروعات» وتشمل إدارات للعقود والمحاسبة والحوكمة والمشتريات ومراقبة المشروعات والجودة والسلامة، (3) تأهيل المقاولين بالطريقة التي تضمن تنفيذ المشروعات، (4) النزاهة والشفافية في طريقة ترسية المشروعات ومراقبة التنفيذ، (5) العمل على زيادة استيعاب قطاع المقاولات والاستعانة بشركات أجنبية بطريقة تضمن تفادي المشكلات السابقة، وأخيراً التركيز على أن يكون الهدف التنفيذ حسب الخطط المدروسة للنماذج وجودتها المأمولة، وبالتأكيد سرعة الإنجاز.
بعيداً عن مستوى التعليم وتدنيه عند القياس بمخرجاته، ولكن ضمن تطوير الأعمال، هناك أعمال أخرى متأخرة وتحتاج إلى إعادة نظر كتنفيذ بناء المدارس، منها تطوير المواصلات المدرسية ووسائل التعليم والأدوات والمعامل والمرافق والبقية.
المشروعات التعليمية ليست الوحيدة في البلد المتعثرة، بل إن هناك مشروعات كثيرة متعثرة ومتأخرة في الإنجاز، المشروعات الصحية والسكنية وغيرها، وجميع القطاعات تعاني من «الأعراض» نفسها كما يتضح من نتائجها، وكما سبق ذكره، منظومة الأعمال تعاني من غياب العوامل الأساسية للنجاح.
- م. برجس حمود البرجس