مدارات - خاص:
كرست مدن ومحافظات منطقة القصيم ومن خلال أحد البرامج الشعرية التي استقطبها على مسرح مركز الملك خالد الحضاري بمدينة بريدة، للمفهوم الحقيقي «للمسؤولية الاجتماعية» في الأنشطة الشعرية والأدبية والفنية، بإبراز الكثير من المناشط والفعاليات الموجهة نحو تجسيد معاني المجتمع، القائم على تكامل الأدوار.
الفكرة تقوم على أحد الفنون الشعرية المتمثلة في «فن المحاورة» حينما يتبارى نخبة من الشعراء في توصيف وذكر المشروعات والبرامج الخدمية، ويمثلها نخبة من أبناء وبنات الوطن، تجاه مجتمعهم ومدينتهم ومحافظتهم.
«حالة التنافس» التي يتسابق في كسب نجوميتها مدن ومحافظات القصيم عبر هذا البرنامج التلفزيوني، تأتي بوصفها بادرة وأولوية تفردت بها المنطقة، من خلال خوضها لتجربة النسخة الرابعة من برنامج «شاعر المعنى» الذي يقوم على ترشيح كل مدينة أو محافظة لمنشد وشاعر يمثلها في تسليط الأضواء على المناقب الحضارية والثقافية والعلمية والاجتماعية الخاصة بها. ويستمر السجال بينها حتى يتم تتويج الأفضل، بعد سلسلة من إجراءات التحكيم والفرز والتحليل.
البرنامج التلفزيوني استقطب العديد من المواقف الاجتماعية، التي انبرى لها «الشعر الشعبي» متغنياً ومتغزلاً بها، متباهياً بكل المنجزات التي شارك فيها أهلها. فقد جاء «مركز الأمير فيصل بن بندر للأورام» التابع لمستشفى الملك فهد التخصصي بمدينة بريدة أولى تلك المساهمات التي تناولها الشعراء في قصائدهم، مبرزين ما يقوم به المركز من جهود طبية وصحية، تعالج وتكافح أحد أعتى أمراض البشرية على الإطلاق، وما يستلزم ذلك من رعاية ونقاهة وثقافة طوال فترة العلاج، ومرحلة ما بعد العلاج.
وفي مناسبة أخرى جاء الاحتفاء مرة من محافظة عنيزة بمكانة «شهداء الواجب» كأحد أهم الموضوعات المطروحة أمام منابر الشعر والشعراء، حينما قاد الطفل البطل «سلطان» ابن شهيد الوطن وفقيد البطولة النقيب محمد العنزي، الذي حلق في سماء الشهادة عقب مواجهة مع إحدى أوكار الضلال في مدينة بريدة قبل أشهر - المسرح، وعكس حجم المأساة الإِنسانية والاجتماعية التي تعيشها أسر شهداء الواجب، بسبب فقدهم لآبائهم وأبنائهم، في مواجهات الفئة الضالة.
وجاء الشعراء ليقدموا أمام الجميع ملاحم البطولة التي سطرها شهداء الواجب تجاه وطنهم وشعبهم ومليكهم، ويرسموا «جدارية شعرية» يزين ألوانها ونقوشها دماء معطرة، أسقى بها الشهداء أرض الوطن.
وتتواصل منافسات الزهو والفخر من قبل المدن والمحافظات لتُبرز جمعية المعاقين بمحافظة الرس جانباً من مشاركات ذوي الاحتياجات الخاصة، من أصحاب العوق السمعي، حينما تمت استضافة أحدهم على خشبة المسرح، مستعرضين - عبر الشعر - عدداً من حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، متحدثين بلسانهم عمّا يختلج في صدورهم، وكيفية تعامل وتعاطي بقية المجتمع معهم، مذكرين للجميع أنهم أناس أسوياء يملكون القيمة الكاملة والحقيقية للفرد الفاعل والمتفاعل مع محيطه ومجتمعه.
بعد ذلك شاركت محافظة المذنب عبر عدد من أعمدة الفن التمثيلي كعلي المدفع وعبد الله المزيني، بالحديث عن الفائدة المرجوة في مثل تلك البرامج المسرحية والتفاعلية مع الجمهور، التي تتحقق في الحديث عن القضايا التي تهم الشباب، وتلامس همومهم وتطلعاتهم، الأمر الذي يوصل الرسالة السامية للفن والشعر في الرفع بمقدرات المجتمعات، والحث على القيم النبيلة، والفضائل.
ليأتي موضوع «الحث على الزواج» كأحد أهم الموضوعات التي تناولها الشعراء والمنشدون ممن ارتقوا خشبة المسرح، سعياً منهم على حث الشباب على الزواج، مع دعواتهم الصريحة والمتكررة لكل أفراد المجتمع بالمشاركة الفاعلة في مواجهة كل العقبات التي تعترض الزواج كغلاء المهور، وارتفاع التكاليف المصاحبة له.
ولم تقف حالات الاهتمام الشعري بكل ما يخدم المجتمع ويرفع من كفاءة مؤسساته عند هذا الحد، فقد بادرت خواطر الشعراء المشاركين في حلقة محافظة البكيرية باستعراض قائمة الوزراء الجدد، ونقل مطالب وتطلعات المواطن لهم، عبر تقديمهم لعدد من القصائد التي تخاطب كافة الوزراء.
وتستمر الأدوار الإِنسانية للشعر والشعراء لتظهر على منصة مسرح ميدان الملك خالد الحضاري ببريدة قصة من قصص البطولة والكفاح، في طلب الرزق، والتعفف عن سؤال الناس، حينما قدم البرنامج في الحلقة الخاصة عن محافظة البدائع «إحدى الأسر المنتجة» التي قاومت الحاجة، ولم تستسلم لها، لتبدأ رحلة العمل والكدح طلباً للرزق والدخل الوفير، وهو ما أغرى الشعراء على الغزل والتباهي بتلك الثقافة الأصيلة، التي نقلت تلك الأسرة من وضع الحاجة والفاقة، إلى مصاف الإنتاج والتجارة والسوق.