بقلم - بول لينواند وسيزاري مايناردي:
لو سألت موظّفيك، «كيف تستحدثون القيمة لعملائكم؟»، هل ستحصل على جواب واضح؟ هل سيمتلك ثلاثة موظّفين مختلفين وجهة النظر ذاتها؟
تُعتبر الطريقة التي تعتمدها شركة لاستحداث القيمة للعملاء عنصراً أساسيّاً من الاستراتيجيّة، ما يزيد من قدر المفاجأة أمام قدرة عدد قليل من المؤسسات على الإجابة عن هذا السؤال بتأكيد ووضوح.
ويكون الفوز عادةً حليف الشركات التي تتمتع بهويّة نافذة - مدعومة من إمكانية الوفاء بالوعود. وفي استطلاع أجري -مؤخراً- وشمل 720 مسؤولاً تنفيذيّاً، لوحظ أنّ الشركات التي يعُتبر أنّها تتمتّع بهويّة أكثر نفوذاً تخطّت الشركات الأخرى بأدائها بما بلغت نسبته 25 في المئة (من حيث متوسّط إجمالي عائدات المساهمين السنويّة ما بين العامين 2010 و2013).
إليكم ما نعنيه عند الكلام عن هويّة إحدى الشركات: إنّها العنصر الذي يدفع بمجمل مؤسستك إلى تقديم أداء معيّن، ويسهّل عمليّة تعيين أبرز المواهب ويمنحك إطار العمل الضروريّ لإدارة العمليّات. وتكون الهويّات النافذة متّسقة - إذ إنها تربط بيان القيمة الذي تعرضه على عملائك، ونظام القدرات الذي يخوّلك استحداث هذه القيمة ومجموعة المنتجات والخدمات التي تدعم هذه القدرات وتسمح بتحقيق النتائج في ظل بيان القيمة الذي عرضته.
وبالتالي، لماذا يواجه هذا العدد الكبير من الشركات صعوبات لتطوير هويّات نافذة والقدرات التي تمكّنها من بلوغ غايتها؟ ذلك لأنّ معظم المؤسسات تحاول الإبقاء على وتيرة أداء السوق عبر اعتماد عدد من مسارات النموّ غير المترابطة عموماً والإقدام على تغييرات مؤسسيّة. وغالباً ما ينتهي بها المطاف بخدمة عدد كبير من فئات العملاء المختلفة والكثير من الحاجات المتنوّعة بمساعدة مجموعات منتجات، وقدرات واستراتيجيّات غير مترابطة، إلى حدّ يمسي من المستحيل تحديد ما تقوم عليه الشركة فعلاً. ويسبّب نقص تركيزها صعوبة للتميّز فعلاً في أيّ مجال على المدى الطويل.
ولتتمكّن من إنشاء هويّة من النوع الموجّه للنجاح، سيتوجّب عليك تقييم طرق تعزيز مواطن القوّة في شركتك، في سبيل استحداث القيمة للعملاء. وتبدأ بعض الشركات برصد أهمّ الطرق لاستحداث القيمة لمدّة خمس سنوات في الأسواق التي تعمل فيها. ومن ثمّ تحدّد بيانات القيمة التي يحقّ لشركتها الفوز بها، بالنظر إلى القدرات التي تميّزها عن الآخرين. وبعد ذلك، توظّف القسم الأكبر من مواردها لبناء تلك الهويّة، عن طريق تعزيز أهمّ قدراتها وجعل محفظة أعمالها مرتبطة بشكل وثيق أكثر ببيان القيمة فيها.
لو كانت الشركات تملك الشجاعة للإعلان عن نوع القيمة التي تستطيع استحداثها وعن الأطراف التي ستستفيد من تلك القيمة، ستصبح قادرة على الالتزام بمسار يخوّلها التميّز في هذا المجال. وبحسب الإثباتات، ليست هذه فقط استراتيجيّة ناجحة من حيث تحقيق النتائج الماليّة، بل هي أيضاً أداة تحفيز هامّة للموظّفين الذين يقدمون أفضل أداء لديهم إن عرفوا ما هو دورهم في تحقيق هدف أكبر حجماً.
(بول لينواند - شريك رئيسي في قسم ممارسات المستهلكين وقطاع التجزئة في شركة «ستراتيجي أند». حيث يشغل سيزاري مايناردي - منصب الرئيس التنفيذي. وقد شارك الاثنان في تأليف كتاب «الميزة الأساسيّة»).