أقبلَ الشتاء، وبدأ أصحاب تدفئة برودة مجالس منازلهم، ومخيماتهم، واستراحاتهم على شبّ النار في كوانينها وقودها الفحم الذي يُعد من أخطر وسائل التدفئة، وأكثرها ضرراً؛ لاحتوائه على غاز ثاني أُكسيد الكربون الخانق لأجهزة الإنسان التنفسيَّة التي من أكثرها عُرضةً الرئتين التي تمنع وصول غاز الأكسجين إلى حويصلاتها الهوائيَّة، وإخراج ثاني أكسيد الكربون من خلال عمليتي الشهيق، والزفير، حيث إن أماكن التدفئة المهيأة بوسائل سلامة تهوية من مراوح شفط، ومباخر سحب، ونوافذ إخراج تُساعد على سلامة الموجودين فيها من أضرار الاختناق.
فإذا وضع المستخدم وقود الفحم في الكانون داخل مجلسه، وشبّ ناره، وبدأ يتصاعد دخانه داخله، وهو يُسامر أولاده بموضوعات يحلو لهم الخوض فيها، ناسياً أن الذي يُحيط بهم طوق أدخنة خانقة له ولأولاده؛ لأنها تصل من خلال المجاري التنفسيَّة إلى رئاتهم، وتغطي حواصيل شعبها الهوائيَّة، وتحرمها من وصول غاز الأكسجين الذي يُعد حياةً لها، فببضع دقائق من الاختناق تؤدي بهم إلى الوفاة التي سببها انتشار ثاني أكسيد الكربون الذي لا يُقدِّر خطورته إلاَّ فِرق الدفاع المدني، ورجال الهلال الأحمر، وأطباء طوارئ المستشفيات الذين عاشوا مصائب الاختناق في الأماكن المغلقة التي شبّ أصحابها فيها نار وقودها الفحم التي تُعد أكسدتها الكربونيَّة من أخطر الأكسدة التي صنعها الإنسان من خلال شبّه نارها في أماكن جلوسه، ونومه، وطبخه داخل منزله، ومخيّمه، واستراحته التي يصل استنشاقها إلى الأجهزة التنفسيَّة، وتعطّلها، ولا تقدر على أداء عمليّة الزفير؛ لإخراج ثاني أكسيد الكربون، ولا على عملية الشهيق؛ لإدخال الأكسجين الذي يُعد الغاز الوحيد لحياة الأجهزة التنفسيَّة.
لذا نأمل من أصحاب المنازل، والمخيمات، والاستراحات أن يتخذوا وسائل السلامة من مخاطر شبّ نار الفحم الذي يُعد دخانه، وما يحمله من أكسدة تُؤدي بِلا تحذير إلى اختناق الإنسان إذا لم يحصل له بوقتها تنفس صناعي يُعيد إليه تنفسه الطبيعي الذي فقده بسبب اختناقه من انتشار دخان الفحم، ووصوله إلى رئته.
هذا ومن الأفضل لسلامة مستخدم التدفئة في الشتاء ألا يشعل فحمها داخل الأماكن المغلقة، وأن يحرص على إشعالها خارج أماكن الجلوس، والنوم، والطبخ، ولا يدخلها إلاَّ بعد التخلّص من دخانها، وأن تكون المباخر، والمراوح، والنوافذ مفتوحة، وهذا يُساعد على عدم بقاء الدخان، ووصوله إلى رئات الموجودين وهم لا يتوقعون ما يخفيه من مخاطر قاتلة، وألا يتهاونوا من ناره التي لا تُرى، فالنّار من مستصغر الشرر.
والله يحفظ الجميع من مخاطر شرر النار، وأُكسيد كربونها الذي أقبل الشتاء وبدأ استخدامها.