الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
أكد عدد من رؤساء الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بعدد من المناطق على الدور الكبير الذي تقوم به الجمعيات في تحصين وتحفيز طلابها والملتحقين بالحلق القرآنية، وقالوا إن حافظ القرآن الكريم يحوز قصب السبق في التفوق على أقرانه في التحصيل العلمي وغيره، وهذا ما أظهرته نتائج اختبارات المركز الوطني للقياس والتقويم تفوق طلاب مدارس تحفيظ القرآن الكريم وحصولهم على المراكز العشرة الأولى في الغالب في كل فترة اختبار يقيمها المركز، ونفوا ما يردده البعض أن طالب التحفيظ أقل تفوقاً وقالوا العكس هو الصحيح.
دراسة ميدانية
يُؤكد رئيس الجمعية بمنطقة المدينة المنورة الدكتور علي بن سليمان العبيد أن حامل القرآن الكريم قد حاز قصب السبق في التفوق على أقرانه في التحصيل العلمي وغيره، وقد أظهرت نتائج اختبارات المركز الوطني للقياس والتقويم تفوق طلاب مدارس تحفيظ القرآن الكريم وحصولهم على المراكز العشرة الأولى في الغالب في كل فترة اختبار يقيمها المركز على مستوى جميع طلاب التعليم العام في المملكة، كما أشير إلى دراسة ميدانية قام بها الأخ الأستاذ سلمان بن محمد العُمري شارك فيها مجموعة من المتسابقين على جائزة الأمير سلمان بن عبد العزيز لحفظ القرآن الكريم، كان من محاورها: مدى التعارض مع التحصيل، فأوضحت الدراسة أن (98.2%) من عينة البنين أكدوا أن الحفظ لم يتعارض مع التحصيل الدراسي، وأن ما يقارب (30%) قد شجعهم الحفظ على الدراسة، وساعدهم على التفوق، في حين أن عينة البنات كشفت أن (91.5) أكدن أن الحفظ لم يتعارض عندهن مع التحصيل الدراسي.
كل هذا وما سبق يُعد واقعاً ملموساً نراه أثناء عملنا في الجمعية يؤكد وبكل وضوح ما دلت عليه دراسات عدّة أن حفظ القرآن الكريم له أثره العظيم والمبارك في تنمية المهارات الأساسية لدى الطالب وتميُّزِه ونبوغه في حياته العلمية والعملية، كيف لا وقد حوى صدره أعظم الكنوز وأنفس العلوم وأزكاها كلام الله عز وجل القائل: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (282) سورة البقرة.. فأقول لكل أب ولكل أم كونوا على يقين بأن القرآن الكريم وعنايتكم به وحث أبنائكم عليه وتخصيص أنبل الأوقات وأفضلها لتعلمه هو مفتاح النجاح والنبوغ والتفوق والسعادة في الدارين لأبنائكم.
التحصيل الدراسي
أما رئيس الجمعية بمنطقة الرياض الشيخ سعد بن محمد الفريان فقال: هناك فرق واضح بين طلاب الحلقات وغيرهم حيث اتضح عن طريق مركز القياس والاختبارات أن المتفوقين من طلاب المملكة هم في الأصل طلاب تحفيظ حلقات القرآن الكريم، مما يؤكد أن حلقات القرآن لا تتعارض مع التحصيل الدراسي ولا تعيق التفوق الدراسي، بل هي عامل مساعد وأساس في تفوق الطالب.
المهارات الأساسية
ويشير رئيس الجمعية بالمنطقة الشرقية الشيخ عبد الرحمن بن محمد آل رقيب: لقد دلَّت عدة دراسات على أن حفظ القرآن الكريم له أثره الجيد في تنمية المهارات الأساسية لدى الطالب، ومن هذه الدراسات: دراسة «سعد بن فالح المغامسي» عام 1411هـ والتي أظهرت أن تلاوة القرآن الكريم وحفظه ودراسته أسهمت في تنمية مهارات القراءة والكتابة لدى تلاميذ الصف السادس الابتدائي مما مكّن التلاميذ في مدارس تحفيظ القرآن الكريم من الحصول على درجات أعلى من متوسط أقرانهم في مدارس التعليم العام، ودراسة «محمد موسى عقيلان» عام 1411 هـ التي دلت على وجود علاقة فاعلة (إيجابية) قوية بين حفظ التلاميذ للقرآن الكريم ومستواهم في مهارتي القراءة الجهرية والصامتة، والدراسة التي أعدتها الإدارة العامة للبحوث التربوية بوزارة التربية والتعليم عام 1423هـ بعنوان: (دراسة مقارنة مستويات خريجي التعليم العام وخريجي تحفيظ القرآن الكريم) وقد تضمنت الدراسة اختيار اثنتي عشرة إدارة تعليمية في المملكة، ثم عقد مقارنة بين نتائج طلاب مدارس التعليم العام ونتائج طلاب تحفيظ القرآن الكريم لثلاثة أعوام دراسية من (1418-1419هـ إلى 1420-1421هـ) وقد أظهرت الدراسة تفوق طلاب مدارس تحفيظ القرآن الكريم بوضوح.. فالذي يجعل طلاب تحفيظ القرآن الكريم يتفوقون على طلاب التعليم العام؟.. يقول فضيلة الشيخ / عبد المجيد بن عبد العزيز الدهيشي إن لذلك أسباباً كثيرة منها: إن الذاكرة ملكة جسدية تنمو بإنمائها وتتسع كلما زاد مخزونها قال: الحارث بن أسامة «كان العلماء يقولون: كل وعاء أفرغت فيه شيئاً فإنه يضيق إلى القلب، فإنه كلما أفرغت فيه اتسع» وإذا أحسن الإنسان التعامل مع قواه العقلية، وأحسن استغلال ذاكرته واستثمارها في شبابه وكهولته تضاعف قواه العقلية في الوقت الذي يضعف فيه جسمه وقواه الأخرى.. وحفظ القرآن وملازمته المراجعة والتلاوة تساعد في تنظيم الوقت وحسن استغلاله.. وسهولة استحضار الأدلة لمن كان حافظاً لكتاب الله تعالى، ولا سيما في المواد الشرعية.. وأن الإكثار من حفظ القرآن الكريم وتلاوته سبب في طرفة اللسان وفصاحته، فالقرآن أُنزل كما قال تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} (195) سورة الشعراء.. وسعة الأفق بتذكر القصص والأمثال الكثيرة الواردة في القرآن الكريم، وقد قال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} (43)سورة العنكبوت، وكثرة الحسنات الماحية للذنوب، فمن المعلوم أن في تلاوة القرآن الكريم أجراً عظيماً وحسنات كثيرة، وقد قال ربنا سبحانه: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} (114) سورة هود. وأخرج البيهقي في شعب الإيمان أن علي بن خشرم قال: شكوت إلى وكيع قلة الحفظ فقال: استعن على الحفظ بقلة الذنوب، وأهم من ذلك كله قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفظتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه) أخرجه مسلم، لذا اعتنى السلف بالبدء في القرآن الكريم في تربية أولادهم وتعليمهم، ويحكى أن ابن خلدون قال: «اعلم أن تعليم الولدان شعار الدين أخذ به أهل الملة، وخرجوا عليه في جميع أمصارهم، لما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده، من آيات القرآن وبعض متون الأحاديث، وصار القرآن أصل التعليم الذي ينبني عليه ما يحصل بعد من الملكات.
التحصيل الدراسي
ويبيّن رئيس الجمعية بمنطقة الباحة الشيخ عبد الله أحمد القرني أن الواقع أثبت أن الطلاب المتميزين في التحفيظ أكثر تميزاً من أقرانهم في التحصيل الدراسي، بل يؤثر على تفوقه إيجابياً فيجمع بين العلم والأخلاق، وذلك لما للقرآن من التأثير - بإذن الله تعالى - ويقوي الحفظ والاستيعاب وشد الذهن.
الحفظ والفهم
ويقول رئيس جمعية (رتّل) بمنطقة نجران د. حسين بن عبد الله الحازمي: بفضل الله تعالى فإن طلاب حلقات التحفيظ يعتبرون من أميز الطلاب من ناحية التحصيل والتفوق العلمي بسبب بركة القرآن وتنميته لقدرات العقل والحفظ والفهم مما يجعله متميزاً عن غيره من الطلاب في كثير من المواد الدراسية التي تتطلب جهداً ذهنياً وحفظاً سريعاً وهذا ما نشاهده في كثير من إحصائيات مراكز القياس والتقويم الطلابي في جميع مناطق المنطقة، وكذلك ما نلمسه من ثناء معلمي التعليم العام على طلاب الحلقات وحثّ طلاب المدارس على المشاركة في الحلقات.
أصحاب الامتياز
أما رئيس الجمعية بمنطقة عسير الشيخ محمد بن محمد البشري فقال: طالب التحفيظ هو المتميز دراسياً ومجتمعياً فالقرآن لا يخرّج إلا أصحاب الامتياز دائماً وأصحاب الأخلاق العالية ولله الحمد من تخرجوا من حلق التحفيظ استلموا المناصب العالية في الدولة وكوَّنوا بيئة وأسراً صالحة.