في العام 2004 تراجع الهلال بشكل غير مسبوق، خسر البطولات المحلية، وخرج من البطولة الآسيوية بشكل مأساوي، الذين لا يعرفون الهلال قالوا: إن الزعيم ذهب مع الريح ولن يعود، والذين لا يعرفون جيداً قالوا: إنه يحتاج لسنوات من البناء حتى يستطيع العودة للمنافسة، أما الذين يعرفونه جيداً، فقد طالبوا باستقالة الإدارة، وإحداث تغيير شامل وهو ما حدث. رحلت الإدارة السابقة وجاءت إدارة جديدة برئاسة الأمير محمد بن فيصل، تم إبعاد العجلاني والتعاقد مع باكيتا، تم دعم الفريق بلاعبين جدد وفق ما يحتاجه فعلاً وليس بحسب صيت اللاعب وكان الثنائي الهلالي تفاريس وكماتشو هو الأبرز في موسم 2005، في النهاية كان الفريق الذين قال البعض: إنه لن يعود وقال بعض ثالث: إنه يحتاج سنوات حتى يعود بطلاً لجميع بطولات الموسم المحلية الثلاث بالإضافة بطولة كأس مكافحة الإرهاب الودية. الهلال فريق عظيم، تم تأسيسه بطريقة صحيحة، لذا لا يقبل الانكسار، قد يتراجع قليلاً، قد يصدم ببعض المعوقات في الداخل أو الخارج، قد ترمي أخطاء الحكام بحظوظه جانباً، لكنه في النهاية لا يتزحزح عن مكانه، ولا يتنازل عن كبريائه، ولا يجعل القمة تتسع لغيره!! لذا فكلما اقترب منه منافسوه خطوة سبقهم في موسم تال بخطوات وهم يعرفون ذلك جيداً، لذا أصبحت لديهم ولدى من يوافقهم حساسية بالغة تجاه الهلال، ورغبات عارمة بتوقف الهلال، ومحاولات لا تخفى للاحتكاك بالهلال، ومواقف تتداول عن طرقهم في النيل من الهلال والكذب على الهلال ومحاولة تقزيمه، وهم في الحقيقة يقزمون أنفسهم ويقللون من أنفسهم عندما يواجهون الأرقام.
ما علينا... اليوم يعيش الهلال واحداً من مواسمه السيئة، غني عن القول: إن السوء لا يتعلق كله بنتائج فريق كرة القدم فقط، فأوضاع النادي كلها لا تسر، ونتائج ألعابه لا تشرح الخاطر، وما من ضوء في آخر النفق يمنح النفس فرصة للتفاؤل، وهنا لم تعد الوعود كافية، فالإدارة استنفدت كل الفرص، وجربت كل الحلول ولم تنجح، وما من فائدة من فرصة أخرى تجعل الجماهير تعود لعباراتها الشهيرة موسم للنسيان في نهاية المطاف.
الحقيقة أن الهلال يحتاج إلى فكر جديد على كافة الأصعدة، ويحتاج إلى أسلوب جديد في الإدارة يعيد وهجه المفقود، من الواضح أن الإدارة الحالية عاجزة عن فعل شيء، ولكنها لا تريد الخروج من النادي وهي لم تحقق شيئاً!! ومن الواضح أيضاً أن مجرد تغيير عدد من اللاعبين والتعاقد مع أجانب جدد، وحتى إحضار مدرب جديد، لن يغير من الواقع شيئاً، فهي حلول جربها الهلال خلال السنوات السابقة، والوضع لم يتغير والفريق لم يستطع الفوز بالبطولتين الأهم الدوري المحلي والدوري الآسيوي.
إذا كان رئيس النادي يحب الهلال - ولا نشك في ذلك - فعليه أن يترجم حبه إلى أفعال... خاصة وأن افعال إدارته لم تضف جديداً خلال السنوات الثلاث الأخيرة على الأقل، وكنت شخصياً قد انتقدت العمل الإداري في النادي غير مرة، خلال هذه السنوات، وطالبت بالتغيير، والمقالات موجودة في أرشيف الصحيفة الإلكتروني لمن شاء أن يطلع عليها. الهلال يحتاج للكثير، وحتى يبدأ التصحيح فمن الواجب أن تتغير الإدارة، وليس شرطاً أن يتغير الرئيس، وأن يتغير أسلوب العمل الإداري والاستشاري في الهلال.
الهلال ليس بحاجة إلى قناة فضائية بقدر ما هو بحاجة لأن يعرف القائمون عليه من معهم ومن ضدهم في هذا الفضاء، والهلال ليس بحاجة قناة خاصة تدغدغ بها مشاعر الجماهير، بقدر ما هو بحاجة إلى لاعبين من نوعية خاصة، ومدربين من نوعية خاصة، وإداريين من نوعية خاصة. والهلال ليس بحاجة إلى صرف المسكنات الوقتية والوعود البراقة، ولديه من الإمكانات ما يجعله في غنى عنها. والهلال ليس بحاجة إلى نصف كفاءات من غير أبنائه، فيما يضم مدرجه الكبيركفاءات لا تقارن، وأسماء قادرة على أن تدير أكبر المؤسسات والشركات. والهلال ليس بحاجة إلى تطبيل من لا يريدون به خيراً، ويتمنون سقوطه اليوم قبل الغد... والقارئ المتابع الفطن يعرفهم جيداً، وبالأسماء أيضاً. الهلال يحتاج لتغيير جلد، والبداية في الإدارة، وعندما تتغير الإدارة فلن يتأخر الخلف في تغيير كل شيء، كما فعل السابقون، وكما فعل الأمير عبدالرحمن بن مساعد في أول موسمين له مع الهلال.
شكراً بندر بن محمد
الأمير بندر بن محمد ليس رجلاً عادياً في تاريخ نادي الهلال، وليس رجل مرحلة معينة...بل هو جزء لا يتجزأ من تاريخ النادي الكبير، وركن ركين من بناء الهلال الشامخ، وأحد عرابي الإنجازات الهلالية الذين لا ينكر أدوارهم متابع حصيف منصف لتاريخ أعظم الأندية الآسيوية. وعندما يستقيل بندر بن محمد من مناصبه في نادي الهلال ويترك كرسي العمل فيه، فإنه لا يمكن أن ينزع عشقه التاريخي والمتجذر للنادي ـ و يتخلى عنه يوماً من الأيام، وعندما يترك بندر بن محمد العمل فإنه يوجه رسالة فحواها أن خدمة النادي ليست مرتبطة بالرسميات، وأنه لا يمكن أن يتمسك بمنصب يرى على نحو ما أنه لم يعد قادراً على الإضافة فيه، وأن الوقت مناسب لمنح الفرصة لمن يخدم الهلال بشكل مختلف.
ترأس الأمير بندر بن محمد نادي الهلال خلال الفترة من 1417-1420هـ وفيها حقق الفريق الكروي 9 بطولات كبرى، أهمها كأس المؤسس وثلاث بطولات آسيوية (نصف ما حققه الفريق على مستوى القارة).. فيما حققت ألعاب النادي الأخرى بطولات تاريخية، وكان للنادي آنذاك في كل عرس قرص، وفي كل بطولة حضور زاه، وتولى سموه ملف تجديد فريق الهلال بأسلوب علمي مبتكر عام 1400 عندما أسس ورعى ودعم مدرسة الهلال الكروية التي خرجت نجوماً لا يتكررون على مستوى القارة، فضلاً عن مواقف سموه مع النادي طوال تاريخه بماله ووجاهته وعلاقته.
وللأمير بندر بن محمد مواقف تدرس في الوفاء مع الهلاليين، وإنزال كل منهم منزلته، ومن ذاك رغبته الملحة أن يستلم مؤسس النادي شيخ الرياضيين كأس المؤسس من يد الملك فهد -رحمه الله- وعندما وقف الظرف الصحي لشيخ الرياضيين غفر الله له في وجه هذه الرغبة، كان الأمير بن محمد في عز نشوته واحتفاليته بالكأس الخالد يتوجه من الملعب إلى المستشفى ليقدم الكأس لعبدالرحمن بن سعيد الرجل الذي أسس الهلال وسقى بذرته حتى أينعت وأثمرت وأنبتت من كل إبداع بهيج.
يغادر بندر بن محمد... ويبقى ما قدمه للهلال محفوراً في ذاكرة بني هلال، ويبقى هو باقياً مع ناديه كما وعد دون أن تغير المناصب من تواجده وحضوره ودعمه.
التحكيم والهلال
مع تراجع مستوى الهلال، لا يمكن أن نغفل أن أخطاء الحكام لم تقصر معه أيضاً إن في دوري أبطال آسيا أو الدوري السعودي، في مباراة النصر حرم من ضربة جزاء وطرد لاعب المنافس، وفي مباراة هجر حرم من هدف وضربة جزاء واحتسبت ضده ضربة جزاء خاطئة... أربعة أخطاء ثمنها ثلاث نقاط يمكن أن تزيد... والحسابة تحسب.