كثيرا ما يستعمل بعض المسؤولين عبارة (ما زال تحت الدراسة) لتكون مخرجا في حال تضييق الخناق عليهم بالسؤال الواقعي المحرج الذي يكشف تقصيرهم نحو مضمونه، وهذا ما تشهد له البرامج الحوارية في وسائل الإعلام، ومتى سمعت هذه العبارة من مسؤول، فاعلم أنها تنبئ عن ذكاء في تصريف الموقف في حال عدم الاعتراف بالحقيقة المرة، لكن المستمع اليوم أصبح لديه من الفطنة والثقافة العالية والتجربة ما يجعله يرفض هذه العبارة وأمثالها، إذا لو كان محقا صاحبها لكشف عن حقيقة هذه الدراسة من هم المعنيون بها؟ وما مضمونها؟ وما الذي توصلوا إليه؟ ومتى تنتهي؟ وما التوقعات المنتظرة منها؟ لكن كما قيل «فاقد الشيء لا يعطيه».
المطلوب من كل مسؤول في الدولة أن يكشف عن حقيقة عمله ومنشأته الحكومية وما فيها من إيجابيات وسلبيات بشفافية ووضوح، ولا يستعمل عبارات التصريف، فالمجتمع اليوم ليس كالمجتمع بالأمس، حيث أصبح اليوم أكثر وعيا بما يدور حوله.
المطلوب من كل مسؤول أن يستعمل ذكاءه وفراسته في قول الحقيقة، وأسلوب الإقناع المطابق للواقع، قل الحق ولو على نفسك، قل الحق ولو كان مرا، إن الهروب من الواقع بالكلمات المصطنعة لا يعفي من المسؤولية، وإن خفي الأمر على المخلوق فلن يخفى على الخالق الذي لا تخفى عليه خافية.
المطلوب من كل مسؤول أن يكون صادقا مع نفسه مراقبا لربه فيما يقول، ومن تحدث بغير الواقع فهو مخادع، ولو صدق كل مسؤول في حديثه عن واقع عمله لتعرف الناس على موقع الخلل وسعوا في إصلاحه، لكن التعتيم والمراوغة في الإجابة أعمت البصيرة وقلبت الحقيقة، فمتى يعي المسؤول أمانته وينصف من نفسه ويكون قوله مطابقا لفعله؟
- المعهد العالي للقضاء