كعادتي دخلت المدرسة، وإذا بطفلة الصف الأول الابتدائي في غرف المديرة أسمعها تبكي بكاء مريراً.. تجاهلت في البداية وقلت من المؤكد ستأتي المسؤولة عن الطالبات وإذا بالبكاء يزداد أكثر.. فلم أملك نفسي وذهبت إلى الإدارة وإذا بالطفلة ومعها حقيبتها وكيس به أنواع من البسكوت والعصير والطفلة محتضنة المديرة وتبكي، سألت المديرة ما بها قالت لا تريد الدخول للفصل واقتربت منها وحاولت التحدث معها زعماً مني سأعيش الجوا لجديد الذي انتقلت إليه من مدرستي السابقة فاقتربت وسألتها لماذا تبكين؟؟ فقالت أريد العودة إلى البيت وحاولت إقناعها فلم تعطني الفرصة عاودت السؤال لها وقالت أستاذة أنا متضايقة انتوا ما تحسون ابي البيت ما بي أدرس؟؟!!
وبالفعل اندهشت بقوة مما جعلني أمتنع عن الكلام للحظات ولم أجد إجابة عنها فأين عرفت هذه الطفلة وهي في بهذا العمر بهذه العبارة وبهذه الطريقة التي نطقتها بها، وبهذا المستوى من الانفعال، عادت بي الذاكرة إلى الوراء سنوات طويلة وتذكرت كيف دخلت المدرسة هي تبكي تريد الخروج من المدرسة، وأنا كنت أبكي الليل والنهار لأدخل المدرسة حتى أقنعت أمي المديرة وقتها وأدخلتني بعمر السنوات الخمس. وقبل دخولي للمدرسة بشهر أو اثنين كان بي بعد إلحاح مني وإصرار.
قد جهز أغراضي كاملة استعداداً مني للدخول للمدرسة، وكل يوم أخرج الحقيبة وأهتم بها استعداداً للذهاب إلى المدرسة فأي جيل كنا وأي جيل الآن.. رغم المناهج الميسرة وسهولة الأمور وتوفر الوسائل والتقنيات إلا أنهم يشتكون من التعليم ومن الأساتذة الآن الحق مع الطالب مهما عمل.. أين زماننا عندما كانت المعلمة والمعلم أما للطالب والطالبة، وكان الأهالي يقولون للمعلم (لك اللحم ولنا العظم) ومع ذلك رغم الصعوبة في التعليم والمناهج والتعامل وطريقة التدريس إلا أنهم عباقرة نجاحهم بأيديهم حقاً لا مدارس أهلية ولا دروس خصوصية فأين يكمن العيب إذن؟؟ برأيي أن العيب في المفاهيم العقيمة التي جعلتهم يقتنعون أنه لا أهمية للتعليم المنهجي ويريد كل واحد منهم أن يتعلم بطريقته وحب أهوائه وإلا فالتعليم فاشل؟؟؟!!!