عنوان هذا المقال، مثل شعبي دارج، تقريباً في منطقة نجد، لأول مرّة أسمعه بحياتي من أم عيالي «الزلفاوية» وهي تداعب طفل ابنتها «الضيف» فرحاً بقدومه، فشدّني، وغشِيتُ معها، ضحكاً، لا على ضحك الطفل، بل على حلاوة المثل، تحيّنت الفرص، لأسقطه على أحد مقالاتي، تبعاً للحوادث والمواقف، وتقول القوّالة، أن المثل (قصيمي) فإذا صدقت الروايات، فالقصيم بجوار الزلفي، فلا تثريب في ذلك، هذا المثل الطريف والظريف، رأيته ينطبق على مشهد، أشفقتُ على أصحابه، سواء، الجار أو المجرور، أحد الأشخاص، المعهود عنه، نهج أسلوب الإثارة، في حركاته وتحركاته، وتقليعاته، التي لم تجلب له خيراً، كما زينت له نفسه، بل بات مثيراً في أحاديثه و تصريحاته، تارة، تجده، يطلق بالونة، يريد من أجلها، اصطياد هدف شخصي، وتارة يطلق أخرى، تحوم حولها الشبهات، لا يبالي بالنتائج، معه رعاع، يحيطون به، لدرجة التقديس، إذ سبق لأمثال هؤلاء في زمنهم، أن أطلقوا على صنوه في السابق، لقب (الإمام) حتى بات هذان الاثنان، يتباريان، في كسب الرعاع، وإثارة التراب، هذا الشخص، هدانا الله وإياه، أطلق أشبه ما يكون بالقنبلة في مناسبة دينية غير بعيدة، ثار حولها الجدل، وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بشأنها، واستغلتها بعض القنوات المذهبية المضادة لصالحها، ضد الوطن، تم إيقاف هذا الشخص، وبدأ جيش (أطلقوا العاني) مطالباً بإطلاق سراحه، كعادته مع المخالفين ومثيري البلبلة، وهدأت الأصوات نوعاً ما، بعدها فوجئ جمهوره بإطلاق سراحه من التوقيف، وانتشرت المقاطع، والصور، التي تحكي كيفية استقبال ذلك الرجل في الجوامع وغيرها، تكسوها الابتسامات والأصوات، والكل يتهافت عليه للسلام عليه، بطرق وهيئات متنوعة ولافتة، تتأسف على ما وصلت إليه حال هذه العقول، بل شاهدت من اصطحب أبناءه وأطفاله الصغار، ليقبلوا رأس هذا الرجل، وشاهدت من يُعرّف بنفسه، أنه فلان الفلاني من المحافظة الفلانية، نحن- ولله الحمد- لا نتمنى الشر، لأحد سار على طريق الخير، لا نتمناه لأحد، حافظ على دينه ثم وطنه وقيادته، لكن الدولة لها عيون، تبصر الحقائق، وإن غابت عنّا، والمتدثرون بالدين، والشاطحون فيه، والمتشددون المبتعدون عن تعاليمه السمحة، هم من يقع في وحل أفعالهم، وهم وحدهم، يتحملون تبعاتها المرّة، لا ينبغي أن يتحملها غيرهم، وإن قبل هذا الغير مرارة أفعالهم، من منطلق تقديسهم والدفاع عنهم، حتى ولو كلفهم سمعتهم ومستقبهم، المشاهد التي شاهدناها وبطلها الممثل الكبير، والكومبارس المتحمّس، في الحقيقة، تجعلك تحتار، وتقول في نفسك، إلى متى يعي هؤلاء الشباب الدرس؟ لماذا لا يسمعون كلام العلماء الربانيين المعتبرين في مثل هذه النوعية، التي استطاعت أن تشحن النفوس، وتسرق العقول، وتستحوذ هي وقنوات الدجل والسحر والخرافة على أموال العامة؟ أيعقل إلى هذه الدرجة، تنطلي على الشباب، حيل وحلاوة ألسنة هذه النوعية؟ ألم يروا أرصدتها المالية المليارية، كيف جمعتها، وكيف بنت بها الأبراج العالية، إلا من هذه الأبواب؟!
الاستقبال الكبير، والهتافات العالية، والابتسامات، والضحكات، المعبرة بالفرح بخروج الرجل، وتجييش الأبناء والأطفال في هذا المشهد، ولكأنه حائز على جائزة نوبل للسلام، كلها تشي بمؤشرات خطيرة من وجهة نظري، منها، ظنّ الرجل، أنه مظلوم، وأنه متهم، وأن ما قام به من أحاديث وتصريحات مثيرة، هي طبيعية، ولا تدعو لتوقيفه أصلاً، فتأخذه العزة بالإثم، ليرى هذا الرماد، رذاذا، فيتمادى في هذا السلوك، وأمثاله في تلك الطريقة، موجودون، ومستمرون، نراهم في مواقع التواصل الاجتماعي، بأسمائهم الصريحة يحظون بشعبية شبابية جارفة، يصدق عليها مصطلح الدرباوية، مثل هذا العجُب المتناهي من الشباب لهذا الرجل وأمثاله، يجعلنا نوقن، أنه تم الاستحواذ على عقولهم بطريقة أو أخرى، ولم تستطع المؤسسة الدينية الرسمية، فك شفرة ارتباط هؤلاء الشباب، بسطوة هذه النوعية المثيرة في طرحها، قولاً واحداً هروب الشباب المتدين، عن العلماء المعتبرين، إلى من هو دونهم في العلم، وأجذب منهم في الهيئة واللسان، هو أس المشكلة، يحتاج إلى توقف، ودراسة جادة، الخلاصة أن هذا الرجل، لما خرج من التوقيف، بالفعل، ضحك، واستطاع أن يُضحِك له، لدرجة الغُشي، نتمنى على شبابنا، الاهتمام بأنفسهم، لا بغيرهم، فكل إنسان مرتهن بعمله، أنار الله، بصائر، وبصيرة الجميع..ودمتم بخير.