الجزيرة - محمد السهلي:
يعد الحصول على فرصة عمل بقطاع المصرفية الإسلامية بماليزيا - ثاني أكبر سوق للمصرفية الإسلامية في العالم بأصول 124 مليار دولار - أصعب مما يتوقع الخريجون الجدد الطامحون لدخول المجال، وقد ثبت أن أرباب العمل يدققون في الاختيار فيما يتعلق بالمؤهلات.
ويفد آلاف الطلاب - غالبيتهم مسلمون من أنحاء العالم - للاستفادة من عدد كبير من دورات التمويل الإسلامي في ماليزيا أملا في فرصة عمل.
وفي ماليزيا نحو 50 مؤسسة تتيح دورات تدريبية للراغبين و18 جامعة تمنح درجات علمية في التمويل الإسلامي، وتفخر ماليزيا بأنها صاحبة أكبر إسهام أكاديمي في هذا المجال في العالم. وقد نشرت 169 ورقة بحثية عن التمويل الإسلامي في الثلاث سنوات الأخيرة حسب بيانات تومسون رويترز.
لكن رغم نمو الصناعة هناك بنحو 20 في المئة سنويا زادت الوظائف بأقل من نصف هذا الرقم، رغم أن البنك المركزي قال في دراسة له إن هناك حاجة لتوظيف 22400 مهني لدعم نمو القطاع.
وتعاني ماليزيا من مشكلة نقص التدريب التي تواجه قطاع التمويل الإسلامي في أنحاء العالم.. كون الدورات التدريبية المتاحة لا تمنح مستويات التخصص التي تحتاجها المؤسسات.
وتحد هذه المشكلة من نمو الصناعة ويراها البعض عائقا أمام الإبداع المطلوب للتوفيق بين التمويل الإسلامي ومبادئ الدين الإسلامي والخروج بمنتجات لا تكون مجرد انعكاسات باهتة لأدوات مالية تقليدية.
ولا يزال المراقبون ينتقدون ما تقوم به المصارف الإسلامية وهو اخذ منتج المصرف التقليدي، وإضافة بعض العمليات التجميلية له ومن ثم بيعه كمنتج إسلامي. فهم يدركون أن هناك حاجة ماسة لقدوم منتج إسلامي متطور مع تخلص المصرفيين من عقلية تفكير البنوك التقليدية. ويبدو أن تلك المعضلة قد أصبحت بمثابة الفرصة التجارية التي لا تفوت للمعاهد والمؤسسات التعليمية الماليزية التي تعد الأكثر تأهيلا من بين قريناتها من الدول الإسلامية للعب دور الدولة التي تساهم في تصدير خبراتها الرامية لإنشاء معاهد تدريبية لتوليد الموارد البشرية المؤهلة. وخير مثال على ذلك الشراكات التي يبرمها المركز الدولي للتعليم بالمالية الإسلامية INCEIF مع العديد من الجامعات والمعاهد والتي تتطلب المساعدة في إنشاء برامج تعليمية خاصة بالمالية الإسلامية.
وأحد أسباب عدم توافر المهارات في مجالات التمويل الإسلامي حداثة عهد الصناعة. فقد ولدت الصناعة في صورتها الحديثة في السبعينات وأصبحت في عدة دول صناعة محورية خلال العقد الماضي.
يقول ريموند مادين الرئيس التنفيذي للمعهد الآسيوي للتمويل الذي أسسه البنك المركزي الماليزي لتطوير رأس المال البشري للقطاع المالي بالمنطقة «هناك سوء فهم لدى شباب الخريجين. هم يعتقدون أن هناك وظيفة اسمها التمويل الإسلامي والحقيقة أن الصناعة تحتاج توظيف كوادر متخصصة.» وأضاف أن الخريجين في الغالب لا يكونون مؤهلين بما يكفي وهي مشكلة لا تحاول إلا قلة من أطراف الصناعة معالجتها. وتقول سوفيزا عزمي رئيس الاستراتيجيات والتنمية بالمعهد «هذه مشكلة كبيرة ولا أحد يريد تولي مهمة تدريب الخريجين في مجالات تلح الحاجة إليها في الصناعة.»
وترى أنه لم يتم التعامل مع حاجة قطاع التمويل الإسلامي لمهارات خاصة في إدارة المخاطر والمراجعة الداخلية والحوكمة ناهيك عن المهارات الأساسية في الشريعة. وقالت «نحتاج إلى فهم التوجه المستقبلي للبنوك. كيف تخطط للتوسع وما هي خططها. وبعدها نستطيع تخطيط احتياجاتنا من المهارات والمؤهلات».
واقتحم التمويل الإسلامي قطاعات معقدة نسبيا كأدوات سوق النقد والسندات الهجين التي تحمل بعض مواصفات الأسهم في السنوات الأخيرة فقط. ومن العقبات أيضاً أمام إعداد خريجين مؤهلين تشرذم القواعد المنظمة لقطاع التمويل الإسلامي بسبب تبني هيئات الرقابة الشرعية والمؤسسات المنظمة للصناعة في البلاد المختلفة مدارس متباينة في التعامل مع بعض المنتجات والمفاهيم الرئيسية.