في حلقة الخميس الماضي من برنامج «بدون شك»، الذي يقدمه الإعلامي النابه محمد الحارثي وفريقه القدير, عرض لمشكلة التحايل العام, وقدَّم حالة منه لأحد مكاتب الخدمات الذي وضع إعلاناً استقطب فيه عدداً كبيراً من الراغبين في الاستقدام؛ فحصد منهم المبالغ الكثيرة، ثم أغلق مكتبه وسافر للبحرين..!!
وكما هي إجراءات البرنامج فقد قام بمتابعة أطراف القضية, وتوصل في النهاية إلى أن مكاتب الخدمات لا علاقة لها بالاستقدام، وأن على أصحاب الطلبات أن يتقدموا برفع «قضية» على «الصحيفة»، ورقية أو إلكترونية، التي نشرت الإعلان له.. وهو قرار لا أحسب أنه منطقي إلا في حالة واحدة، هي أن يكون هناك شرط مسبق منصوص عليه في نظام النشر بين الجهات الحكومية ذات العلاقة وبين الصحيفة، يلزم جميع الصحف بعدم نشر الإعلانات الخدمية ما لم يكن هناك تصريح من جهة الاختصاص بمضمون الإعلان, فهل هناك نص بهذا القرار, فتكون القضية متعلقة بتعويض الخاسرين من المغرر بهم؟ أم أن هناك إلزاماً صارماً بعقوبة المتحايلين دون هدنة ولا مماطلة جلسات التحقيق في وزارة العمل التي تمتد لعدد من الجلسات، تستغرق شهوراً، ربما يكل فيها المرء عن حقه انتظاراً لحضور من لم يحضر من أطراف القضايا..؟.. سنتابع البرنامج لنصل إلى ما سوف يقف عليه من نتائج..
هناك أيضاً العديد من المتحايلين على النظام بشتى الصفات, فمنهم من يستدرج بعض الوافدين للعمل لديه كحالة قائمة أعرفها، وبعد أن ينقل كفالتهم إليه، وما إن تصبح أوراقهم الثبوتية تحت اسمه, وجوازات سفرهم بين يديه، وجوازات من يلحق بهم كزوجة ونحوه، يبدأ في تعريضهم لضغوط، يصل بعضها إلى طلبهم القيام بما ليس نظامياً.. على سبيل المثال، عن طريق طلبهم التنقل بمركبة ليس مصرحاً لهم بسياقتها بين مناطق البلاد، فإن امتنعوا عن أي أمر غير نظامي قام بطردهم، وإيقافهم عن العمل دون أن يسلمهم وثائقهم، ووثائق من معهم، ويوقف رواتبهم، بل يطالبهم بإعادة مبالغ ربما تفوق ما أعطاهم, ويتنصل عن الإجابة لاتصالاتهم, أو من يكون من طرفهم، ثم عندما يصل أمره لوزارة العمل يغلق مكتبه، ويختفي, تماماً كما فعل صاحب قضية برنامج «بدون شك».. ويبقى الواحد منهم يركض بين وزارة العمل، وبين هواتف لا تجيب، ومكاتب مغلقة.. وشخص منتحل كاذب..؟!
الشاهد أن حملةً ضرورةً وعاجلةً لمتابعة كل ذي سجل تجاري لتصفية الأبيض من الأسود, والتسريع في حل قضايا الأفراد، مواطنين، وغيرهم, وتأسيس مكاتب ذات اختصاصات مشتركة من الجهات التنفيذية المعنية، يسهل على الناس الرجوع إليها مباشرة، تكون ترتبط إلكترونياً بأطراف الاختصاص، مكونة من الشرطة، والجوازات، والعمل، والتجارة، والاستقدام في مكتب واحد ذي نفوذ وفاعلية مباشرة، تقضي على الروتين، وتعيد الحقوق ما كانت للأفراد..
فهناك تحت الرماد جمر كثير من المتحايلين، يلسع كل من يرد حياضهم. وليوفق الله كل مسؤول يعجل في فض نزاع بين طرف قوي بحيله, وآخر مخدوع بتلقائيته.