اثنين | ثلاثاء | أربعاء | خميس | جمعة | سبت | أحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 |
8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 |
15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 |
22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 |
29 | 30 | 31 | 1 | 2 | 3 | 4 |
5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 |
نظم أخيراً مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية مؤتمراً قيماً وهادفاً في موضوع «المراكز البحثية ودورها في دعم السياسة العامة»، بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيسه، بحضور عدد من المسؤولين وممثلي المراكز البحثية في المنطقة والعالم، ونخبة من المفكرين
والأكاديميين والباحثين... ولا يختلف اثنان على أن القيادات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العديد من دول العالم خصوصاً الغربية منها، تتأثر بما تقدمه مراكز الأبحاث الفكرية من دراسات وتقارير، بل إنها تؤثر كما سبق وأن كتبت على الرأي العام عن طريق مجموعة من الأساليب المتقنة، وإذا أخذنا مثال الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الإحصاءات تشير أنها تتوفر على ما يزيد عن 1400 مركز ومؤسسة تعنى بالعلاقات الدولية، منها مؤسسات تقدم دراسات وأبحاثاً متخصصة في القضايا السياسية كمجلس العلاقات الخارجية الذي يصدر دورية شهرية وهي شؤون خارجية، ومنها مراكز الضغط السياسية التي تستخدم نتائج أبحاثها للضغط على الإدارات الأمريكية في صناعة القرار كمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية الذي يضم نخبة من السياسيين والأكاديميين البارزين كهنري كسنجر وهارولد براون؛ وهناك مراكز خلقت للدفاع عن مصالح إسرائيل كمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، والمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي للدعاية لإسرائيل في المجالات الأمنية والعسكرية أو ما تسمى بالأذرع الفكرية الإسرائيلية في واشنطن، وهاته المراكز تتوفر على إمكانيات مادية وبشرية ضخمة وتؤثر بشكل جلي على السياسة الخارجية الأمريكية.
أما في عالمنا العربي، فما زال عدد هاته المراكز ودورها في التأثير على السياسات العامة محدوداً، فما بالك بالدراسات الاستشرافية التي يمكن أن تبلورها... وبعد الاحتجاجات العربية في بعض البلدان كليبيا مثلاً لم يجد صاحب القرار الأوروبي والأمريكي دراسات وافية معدة من مراكز أبحاثنا العربية تكون عوناً لها في بلورة سياسات عمومية بل وفهم ما يجري وما يمكن أن يحدث في مجتمعات يصعب فهم مكوناتها.... ومن هنا قيمة الملتقى الذي نظمه أخيراً مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية عن مراكز الأبحاث العربية ودورها الممكن في التأثير على السياسات العمومية... فعدد هاته المراكز محدود جداً على الرغم من وجود قدرات فكرية وكفاءات بشرية متميزة يمكنها أن تسهم في التجدد المعرفي والتخطيط المستقبلي، بل ويمكنها أن تسهم في التأثير على السياسات العامة الداخلية والخارجية؛ والأمة العربية تمر بمحطة تاريخية مفصلية وحاسمة تحتاج إلى علماء ومنظرين مقتدرين.... فالوقت لا يسمح بالارتجال والشعبوية بل إلى رجال أكفاء ومؤسسات مقتدرة وميكانزمات جديدة ووعي سياسي وفكري جديدين وثقافة ديمقراطية تصنع مستقبلاً ومصيراً...
وأعجبني تدخل الدكتور يحيى بن محمود زين الدين بن جنيد، الأستاذ الفاضل ذو بعد النظر والأمين العام لمركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية في المملكة العربية السعودية، الذي ألقى كلمة رئيسة في المؤتمر تصب في هذا المنحى، وتضمنت اقتراحين: أولهما، أن ينظر في إصدار رابطة أو تجمُّع لمراكز البحوث العربية لتوفير فرص التواصل بينها للارتقاء بعملها وطنيّاً وعربيّاً، ولتكون البداية بمراكز البحوث الخليجية. والثاني، أن يعمل على تعزيز الدراسات الإقليمية المتخصصة في البحوث الصينية والروسية والإفريقية والأوروبية وغيرها، إضافة إلى تعزيز تدريس اللغات الأجنبية، كالصينية والفارسية والروسية وغيرها، ولا يخفى ما لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية من دور في المنطقة الخليجية والعربية حيث يمثل حلقة وصل مهمة تربط الأجيال المعاصرة بالإنجازات الحضارية غير المسبوقة لأجدادهم، وتعرفهم موروثاتهم، وتفهمهم هويتهم الثقافية؛ كما أنه من خلال مكتبات المركز، ومخطوطاته النادرة، ومحاضراته، ومعارضه، يسعى المركز إلى توفير بعض السبل التي تمكن الأجيال المتعاقبة من الشباب من اكتساب المعرفة، ويضطلع بدور كبير للمحافظة على التراث الإسلامي، والتعريف به، وتشجيع الباحثين على الاستمرار في درب العطاء الذي مهده الأجداد في عصر النهضة الإسلامية....
إن المواطن هو الثروة الحقيقيّة على هذه الأرض، وهي الفلسفة التي صنعت بفضلها دول كالإمارات وكالسعودية تجربتهما التنموية الرائدة، ومراكز كمركز الإمارات للدراسات ومركز الملك فيصل للبحوث هي واعية منذ إنشائها بقيمة البحث العلمي وتعمل بجدّ على محاور أساسية عدّة تصب كلها في هدف أساسي، هو وضع العلم في خدمة التنمية. وفي هذا الصدد قال الدكتور جمال في كلمته الافتتاحية «لا يمكنني في هذا المقام أن أقدِّم عرضاً شاملاً لما حققه المركز خلال العشرين سنة الماضية، خاصةً في مجال دعم السياسة العامة» مؤكداً أن المركز لم يكن ليحقق ما حققه من إنجازات إلا في بلد يقدِّر البحث العلمي، وفي ظل قيادة تعرف قيمة مراكز البحوث والدراسات وتشجعها على أداء دورها..»
وقد سبق وأن كتبت في صحيفة جريدة الجزيرة الغراء أن الاستثمار في الإنسان هو العلاج للتخلف العربي، وعندما دخلت أخيراً مركبة فضائية هندية «مانغاليان» المدار حول كوكب المريخ بعد رحلة ناهزت السنة وقطع مسافة 666 مليون كيلومتر تقريباً، فهذا يعني قدرة الإنسان الهندي على التحدي وتحقيق المستحيل. فمنذ زمان والهند تتوفر على السلاح النووي. ولكن هذا لا يهم.... فالذي يهم هو أن الهند بدأت تستفيد من تطور بحثها العلمي ومن الاستثمار في الموارد البشرية والتكنولوجيا المتطورة. ويستوقفني هنا رد جوزيف ناي على أولئك الذين قالوا إن القوة الأمريكية في اضمحلال مستمر. فمشكلة القوة الأمريكية في القرن الحادي والعشرين، ليست مشكلة اضمحلال، بل مشكلة ما يجب فعله في ضوء إدراك أنه حتى الدولة الكبرى لا يمكنها تحقيق النتائج التي تريدها من دون مساعدة الآخرين؛ فهناك عدد متزايد من التحديات التي ستقتضي من الولايات المتحدة الأمريكية ممارسة القوة مع الآخرين، بقدر ممارسة القوة على الآخرين؛ مما يقتضي أيضاً فهماً أعمق للقوة، وكيف تتغير، ومعرفة كيفية وضع إستراتيجيات للقوة الذكية تجمع بين موارد القوة الخشنة والقوة الناعمة في عصر المعلومات.... وأظن أن الهند أصبحت مجسدة لهاته القوة الذكية. فهاته القوة في القرن الحادي والعشرين لا يعني عدد الرؤوس النووية التي تتوفر عليها البلدة أو كيف تحافظ على السيطرة العسكرية، بل يعني ذلك إيجاد طرائق للجمع بين الموارد في إستراتيجيات ناجحة في مجال التنمية والابتكار....
وأريد في الختام أن أشرك القارئ أبياتاً شعرية جادت بها قريحة الأديب والشاعر الكبير الأستاذ خليل عيلبوني بهاته المناسبة، ومنها استقيت عنوان المقالة، يقول فيها:
عِشرُونَ عَامًا يَا جَمَالُ تَمُرُّ
والفَارِسُ المِقْدَامُ لَيْسَ يَقِرُّ
لَمْ تَسْتَرِحْ يَومًا لِتَرْحَمَ مُبْحِرًا
فِي بَحْرِ عِلْمٍ غَابَ عَنْهُ البَرُّ
أَدْرَكْتَ أَنَّ العِلْمَ خَيْرُ سَفِينَةٍ
وبِأَنَّ بَحْرَ العِلمِ فِيهِ الدُّرُّ
فَأَعَدتَ للغَوصِ الحَيَاةَ ولَم تَزَلْ
تُعْطِي اللآلِئ والعَطَاءُ يَسُرُّ
إن الإمَارَاتِ التي هِي أُمُّنَا
لَفَخُورَةُ بابْنٍ يَفِي وَيَبِرُّ
عِشرونَ عَامًا والعَطَاءُ مُشرفٌ
وعَلَى المَزيدِ مِن العَطَاءِ تُصِرُّ
لا يَرتَقِي وَطَنُ بِغَيْرِ مُوَاطِنٍ
والرَّمْلُ دُونَ الحُبِّ لا يَخْضَرُّ
أَعْطَيتَ قَلبَكَ للإمَارَاتِ التِّي
أعْطَاكَ حُبًّا بَحْرُهَا والبَرُّ
أبدَعْتَ أبْحَاثًا تَظَل مَنَائِرًا
مِنهَا خَفَافِيشُ الظَّلامِ تَفِرُّ
وَرَعَاكَ في هَذي المَسِيرَةِ زَايِدٌ
بَاني الإمَارَاتِ الوَفِيُّ البَرُّ
وخَلِيفَةً أَندَى الوَرَى وَمُحَمَّدٌ
رَاعِي العُلُومِ المسْتَنيرُ الحُرَّ
فَلَكَ التَّحِيَّةُ يَا جَمالُ يَقُولُهَا
قَلْبٌ لَهُ فِي الحُبِّ نَبْعٌ ثَرُّ
وأَخُوكَ عَبدُ الحَقِّ خَيْرُ مُبْلِغٍ
لِتَحِيَّتِي، هُو لِلوفَاءِ مَقَرُّ
مِنَ المغْرب الأحْرَارِ جَاءَ مُهَنِّئًا
لكَ يَا جَمَالُ وثَغْرُهُ مُفْتَرُّ
هذي إمَارَاتِي وَهَذَا مَغْرِبِي
بِهِمَا يُزالُ عن العُروبَةِ ضُرُّ
اثنين | ثلاثاء | أربعاء | خميس | جمعة | سبت | أحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 |
8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 |
15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 |
22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 |
29 | 30 | 31 | 1 | 2 | 3 | 4 |
5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 |