تونس - فرح التومي - الجزيرة:
ذكرت مصادر مطلعة بأن الوضع على الحدود الجنوبية مع الجارة ليبيا يزداد توتراً بسبب اقتراب المعارك الدائرة هناك من المعبر الحدودي راس جدير، مما أثر سلباً على تنقلات التونسيين الذين دعتهم الحكومة إلى تفادي التحول إلى ليبيا في الوقت الراهن، فيما تراجع نسق دخول الليبيين الفارين من الصراع هناك إلى الأراضي التونسية، وكثفت تونس من الحضور العسكري والأمني على حدودها تحسباً لكل طارئ.
وفي سياق متصل، تولى المهدي جمعة افتتاح القطبين القضائي والأمني لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بحضور عدد من سفراء الدول الشقيقة والصديقة. أكد جمعة بالمناسبة أهمية إنجاز هذين القطبين معتبراً أنهما يمثلان رسالة واضحة للإرهابيين بأنه لا مكان لهم في تونس، لا اليوم ولا غداً، قائلاً إن الحكومة حرصت على إنجازه قبل نهاية السنة وأنه يأتي في إطار المقاربة الشاملة في مجال معالجة الإرهاب وقضاياه، مشيراً إلى أن حكومته عملت وتعمل بصمت على خطط قصيرة وطويلة المدى في هذا المجال. إلا أن المنسق العام لنقابة القضاة التونسيين وليد اللوقيني اعتبر أن أحداث القطب القضائي لمقاومة الإرهاب ليس سوى مجرد بناية بدون روح، وأنه بحسب رأيه عندما نادى الجميع بإحداث هذا القطب كان في إطار إستراتيجية كاملة لمجابهة الإرهاب خصوصاً أن القانون المخول له مجابهة هذه الآفة إلى الآن لم يتم تعديله بما يتماشى وتنامي ظاهرة الإرهاب في تونس..
وكان لطفي بن جدو وزير الداخلية أقر بوجود تهديدات جدية للمسار الانتخابي في جولته الأخيرة، حيث أوضح بأن العمليات التي تقوم بها الوحدات الأمنية بالتعاون مع الوحدات العسكرية، تندرج في إطار مقاومة الإرهاب وتأمين المسار الانتخابي من خلال «ضربات استباقية» تكاد تكون يومية، تقوم على قصف بعض المواقع، إو إلقاء القبض على العناصر التي تقدم الدعم اللوجستي للمجموعات الإرهابية.
من جهة أخرى ومع انعدام وضوح الرؤية أمام الناخبين وحيرتهم التي تزداد يوماً بعد يوم حيال من سيختارونه رئيساً لهم للخمس السنوات القادمة، تظل مواقف حركة النهضة التي وإن لم تقدم مرشحاً من أبنائها في السباق نحو قرطاج، متباينة وغير شفافة، حيث أعلن زعيمها الشيخ راشد الغنوشي بأن الحركة ترى أن كلا المرشحين يصلح لقيادة البلاد في المرحلة المقبلة، موضحاً أنّ هذا المعطى هو الذي دفع حزبه نحو اختيار نهج الحياد وترك الحرية للأنصار لاختيار الأصلح. وقال الغنوشي بأنّ النهضة تريد أن تبقي على صداقتها مع كلّ الأطراف، مشدّداً على أنّ حزبه يرى أن الرئيس المقبل يجب أن يكون توافقياً يحافظ على الحريات والديمقراطية ويحقّق التنمية ويدعم الوحدة الوطنية.
وكشف الغنوشي عن الأسباب التي دفعت بحركة النهضة إلى عدم تقديم مترشح عنها لخوض الانتخابات الرئاسية، حيث حصرها الشيخ في سببين الأول هو عدم اقحام تونس في صراعات او تجاذبات، والثاني هو الاستفادة من الدروس التي مرت بها بعض الدول التي تولى فيها الإسلاميون الرئاسة في إشارة ضمنية إلى ما وقع في مصر عند تولى الإخوان رئاسة مصر، وتابع قائلاً: «تجنبنا الدخول في سباق الرئاسية رغم حظوظنا الوافرة لأننا رأينا تجارب الإسلاميين عند الدخول في الرئاسية.. وجنبنا البلاد الصرعات لأن ترشح النهضة كان سيقسم البلاد إلى معسكرين ..فبلادنا أعز عندنا من أي منصب.. والتجربة الديمقراطية في تونس عبارة على شجرة واقفة في غابة مكسرة لذا وجب الرأفة بتلك الشجرة ورعايتها.» إلا أن زعيم النهضة ألمح إلى إمكانية أخرى التقطتها حركة نداء تونس بوضوح بناء على قوله: «التعامل يكون أسهل مع رئيس جمهورية وحكومة لهم أغلبية في البرلمان» فيما استبعد نجاح ما وصفه بإدارة التعدد، حيث اعتبر أن إدارة التعدد صعبة بين رئيس لا يملك أغلبية في البرلمان وحكومة تمتلك الأغلبية.