سعادة رئيس التحرير - حفظه الله-
السلام عليكم..
قرأت في صحيفة الجزيرة قبل أيام خبراً عن وفاة معلم أمام طلابه في تبوك إثر إصابته بسكتة قلبية فاجأته وهو أمام طلابه يشرح الدرس، نسأل الله العلي العظيم أن يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جنته.
ولقد لفت انتباهي في الخبر ما تحدث به أحد زملاء المعلم المتوفى من أنه «كان مبتسماً كعادته دائماً وقد بدأ يومه كالعادة محافظاً على الحضور المبكر ودخل الحصة ولم تبدُ عليه ملامح التعب وكان طبيعياً»، فما أعظمه من خلق وما أطيبها من شهادة باقية للرجل المبتسم رحمه الله، فما أشد حاجتنا للابتسامة في أوساطنا التعليمية، إذ إن علاقة الطالب بالمعلم مثلها مثل كل شيء حولنا تغيّرت بصورة جذرية فطالب الأمس المهذب المطيع في كل الأحوال لم يعد له وجود ومعلم اليوم الذي يدرك أن العالم تغيّر ومعه الإنسان ومن باب أولى الطفل أو المراهق ليس له وجود أيضاً. فهو ما زال يرى أن دوره هو «قولبة» شخصية تلميذه لأن هذه هي التربية من وجهة نظره فهو نفسه تربى على ذلك، والنتيجة. جدار عازل يفصل بين الطالب والمعلم. جدار لا بد أن يهدم إذا أردنا النهوض بالمجتمع واللحاق بركب دول العالم المتقدم.
إن المدرسة من المفترض أنها ليست للتحصيل الأكاديمى فقط إنما هي مؤسسات للتربية والتعليم وهناك ما يسمى بالتربية الرياضية والتربية الاجتماعية والتربية الأخلاقية والتربية الوطنية والتربية الدينية وكل أصناف هذه التربية غابت من دور المدرسة فأصبح لدينا متعلمون ينقصهم أصول التربية الحديثة والتي مهمتها الحفاظ على احترام النفس واكتساب الحرية والاستقلالية والانتماء والعمل في جماعة والحفاظ على الوطن ومكتسباته، ولا يوجد مؤسسة تقدمها والبديل كانت جماعات الرفاق وإذا كان هناك فرصة للتواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر أو الجماعات الدينية المتطرفة. وبناء عليه اختلطت الأدوار أو اختلت العلاقة بين الطالب والمعلم. وفى الدول المتقدمة لديهم ما يسمى ببرامج الوقاية الأولية ويطلقون عيها (التطعيم ضد المشاكل النفسية والسلوكية) لأنها تستنزف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة موارد الأسرة والدولة ومن هنا نتطلع إلى مثل هذه البرامج في سبيل بناء علاقة قوية بين الطالب والمعلم. وفي ظل خضوع العلاقة بين المعلم وطلابه للحالة المزاجية الخاصة لكل معلم فإن للمتابعة دورا في هذه العلاقة، فلا يجوز اقتصار دور المتابع للمعلم على دور ضابط المرور يقتصر عمله تسجيل المخالفات والاطلاع علي دفتر الإعداد والمكتب وينسى الجانب العلمي والتربوي وقدرة المعلم على توصيل المعلومة وينسى وظائفه الأساسية من متابعة سير الحصة ومناقشة وصياغة الأسئلة التي تقيم وتقوّم الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية أيضاً فالعملية التعليمية الآن تحتاج إلى موجه يعلم المعلم ولا يكون أداة تفتيش عليه ويقوم بالشرح أمام المعلم من أجل نقل خبراته التراكمية في العملية التعليمية لأن المعلم هو حجر الزاوية في العملية التعليمية، فالمعلم ذو الخبرة والمهارات الأكاديمية والقدرات التربوية معلم ناجح وموفق في عمله يستطيع أن يذلل الصعاب وأن يسوق المعلومة للطلاب في سهولة ويسر وبأسلوب مشوّق وجذاب يعتمد فيه على الحوار والنقاش وابتكار الأسئلة التي تفجر طاقات الطالب وعلى النقيض المعلم الذي لا يهتم بتطوير نفسه يكون عبئاً على العملية التعليمية وحجر عثرة في طريق الطلاب، وأرى أن للتوجيه دوراً كبيراً في اكتشاف قدرات المعلمين إذا قام بدوره الحقيقي في متابعة وتوجيه واكتشاف قدرات المعلمين.
هتون الشريفي - بريدة