الجزيرة - الرياض:
توقع تقرير عقاري صدر حديثا، أن يكون الطلب على المساكن الميسّرة مرتفعًا في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يقدّر مجموع الطلب على المساكن الميسّرة على سبيل المثال في المملكة بأكثر من ثلاثة ملايين في العام 2014، حوالي 82 % منها في مناطق عمرانية. أما في قطر فمن المتوقع أن يتركز كامل الطلب على المساكن الميسّرة في المناطق العمرانية.
وأشار تقرير المركز المالي الكويتي «المركز» حول قطاع المساكن الميسّرة في دول مجلس التعاون الخليجي، إلى أنه في حين لا يميز مصطلح «المساكن التقليدية» بين التفاوت في مستويات الدخل، فإن تعريف مصطلح «المساكن الميسّرة» ينحصر في المساكن التي تؤمن مستوى وموقع معقول للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، ولا تكون تكلفتها عالية إلى درجة لا تستطيع معها الأسرة الحصول على احتياجاتها الأساسية الأخرى بشكل مستدام، أي بعبارة أخرى، يكون السكن الميسّر ضمن حدود الإمكانيات المادية للأسر ذات معدل الدخل المتوسط في أي دولة.
وبين التقرير، أن الطلب على المساكن الميسّرة في دول الخليج يعتبر من المسائل الأساسية التي لم تحظَ حتى الآن بالاهتمام الذي تستحقه من صناع السياسة. حيث أصبحت الحاجة ماسة إلى دراسة مسألة النقص في المساكن الميسّرة في منطقة الخليج والعوامل الكامنة في النظام التي تؤدي إلى هذا النقص المزمن. ويقدر التقرير عدد سكان منطقة دول مجلس التعاون بما مجموعه 49.3 مليون نسمة كما في العام 2013، ومن المتوقع أن تشهد المنطقة نموًا سكانيًا بمعدل أعلى مقارنة بالدول المتقدمة والنامية. وهذا العامل، إضافة إلى تزايد حجم القوى العاملة في المنطقة، يؤدي إلى ضغط شديد للمطابقة بين العرض والطلب على المساكن الميسّرة في دول المجلس، والتي أصبحت من أكثر المناطق عمرانًا في العالم حيث يقطن أكثر من 75 % من سكانها في المدن. كما أن معدلات البطالة في دول المجلس لا تزال مرتفعة، وقد وصلت إلى 15 % من مجموع عدد السكان في سن العمل في كل من البحرين وعمان، مقارنةً بمعدل 10.5 % في المملكة.
أما الناتج المحلي الإجمالي للفرد في دول الخليج فيعتبر مرتفعًا وهو مماثل لما هو عليه في الدول المتقدمة، وأفضل مقارنةً باقتصادات أسواق ناشئة كالصين والهند والبرازيل. ويترجم هذا المعدل المرتفع للناتج المحلي الإجمالي للفرد في دول المجلس إلى ارتفاع في الطلب على المساكن عمومًا، بما في ذلك المساكن الميسّرة، وسيؤدي التزام دول الخليج بتنويع اقتصاداتها لتحفيز النمو المستقبلي في المنطقة إلى زيادة الطلب على المساكن منخفضة التكلفة حيث تصبح الشرائح السكانية الأقل دخلاً قادرة على تحمل تكلفة امتلاك منزل.
ولفت التقرير إلى اتساع الفجوة بين العرض والطلب على المساكن الميسّرة في دول مجلس التعاون، حيث يواجه قطاع المساكن الميسّرة في منطقة الخليج تحديات كثيرة منها تشديد شروط منح التسهيلات الائتمانية وتقلبات أسعار مواد البناء وتراجع هوامش أرباح المطورين العقاريين. كما أن الصعوبات في جانب العرض والمتمثلة في النقص في تمويل المشاريع السكنية، وتأخر صدور الموافقات المطلوبة، وعدم كفاءة نظام التخطيط العمراني، وإعطاء الأولوية لأعمال البناء ذات التكلفة العالية (كالفلل والشقق الفخمة)، ولوائح الانتظار الطويلة لبرامج الإسكان الحكومية، تشكل جميعها مزيدًا من الضغوط لتنفيذ المشاريع في هذا القطاع. واعتبر التقرير المبادرات الحكومية الأخيرة مشجعة، فقد بدأت الحكومات بتوفير الأراضي في مواقع جيدة وبأسعار معقولة. كما تقدم الحكومات الخليجية أيضًا حوافز للمطورين العقاريين وتعمل على تشكيل هيئات تطوير عمراني في المنطقة، وأصبحت هناك في السنوات الأخيرة درجة قبول أعلى للشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجلس التعاون بفعل تزايد قدرة القطاع الخاص على تنفيذ مشاريع الإسكان الضخمة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن المطورين بحاجة لأن يشعروا بالثقة والاطمئنان من إمكانية الحصول على السيولة بشكل مستقر عند تطوير مخططات المساكن الميسّرة. ومن شأن عمليات الدمج والاستحواذ لمطوري المساكن أن تؤدي إلى تحسين هامش الربح في مشاريع المساكن الميسّرة، وتمكين المطورين من الحصول على السيولة بسهولة أكبر مقارنةً بمعظم المنافسين في جميع أنحاء العالم، وبالتالي إتاحة التنفيذ الفعال والسريع لمشاريع التطوير العقاري.