اختيارات موفقة لكفاءات سعودية مؤهلة لتولي حقائب وزارية خلفاً لقيادات وزارية سابقة قدمت عطاءً مميزاً وأنتجت واستطاعت أن تصل بخدمات وزاراتها إلى مستويات متقدمة حتى تاريخ انتهاء فترة وزاراتهم. وللحقيقة كان هناك إنجاز وكان هناك تطور في مختلف الوزارات التي تم فيها التغيير ابتداءً من وزارة التعليم العالي ووزيرها المخضرم النجم معالي الأستاذ الدكتور خالد العنقري صاحب وراعي خطط التوسع في الجامعات السعودية لتشمل جميع مناطق المملكة وبتخصصات علمية ترتبط باحتياجات سوق العمل وقائد مسيرة التطوير في الجامعات السعودية وراعي إنشاء الجامعات الأهلية وله إنجازات تحسب له، وأكبر إنجاز تحقق في عهده تنفيذ مشروع الملك عبدالله للابتعاث الخارجي والداخلي والذي يعتبر أحد أهم الإنجازات الحضارية والثقافية والعلمية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
ومن أكبر الإنجازات في مجال النقل في تاريخ المملكة كانت السكك الحديدية الجديدة وعلى رأسها قطار الحرمين الشريفين أعظم إنجاز في مجال النقل بين المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وقد كان للوزير الدكتور جبارة الصريصري دور بارز في تحويل قرار خادم الحرمين الشريفين التاريخي إلى واقع تم تنفيذه وأشرف عليه شخصياً منذ بدايته كفكرة إلى أن قارب على التشغيل خلال عام وتشهد له شبكة طرق النقل البري الحديثة وتطوير الموانئ السعودية فكان له أداءً متميزاً.
أما الاتصالات السعودية فقد استطاع وزيرها السابق المهندس محمد جميل ملا من تحقيق إنجازات عديدة منها تنفيذ القرار الخاص بتحويل الخدمات الهاتفية واللاسلكية إلى شركات متخصصة سعودية استطاعت تطوير خدمات الاتصالات حتى أصبحت المملكة على قمة التطور الآلي والتقني في مجال الاتصالات في العالم.
وفي مجال الشئون الاجتماعية كان للدكتور يوسف العثيمين دور بارز ومؤسسي في تطوير الخدمات الاجتماعية وتوسيع دائرتها لتشمل التعليم والتوظيف ، وتحويل طبقة الفقراء إلى طبقة فاعلة ومنتجة في المجتمع. وفي مجال الإعلام لن ينسى الإعلام والإعلاميون صاحب الخلق الرفيع معالي الأستاذ الدكتور عبدالعزيز خوجة احد رواد التعليم الأوائل وأحد مؤسسي الإعلام الحديث وصاحب الإنجازات الثقافية لوزارة الإعلام وصانع قرار إنشاء القنوات الإسلامية قناة القرآن الكريم وقناة السنة النبوية وفي عهده وبموافقته ودعمه تحول التلفزيون السعودي إلى هيئة والإذاعة ووكالة الأنباء إلى هيئات متخصصة، ومنحت الصحف السعودية مزيد من الحرية المعتدلة للكتاب.
وفي وزارة الصحة يصعب علينا أن نغفل دور معالي الدكتور عبدالله الربيعة صاحب الإنجازات العلمية والطبية محلياً ودولياً حسب الإمكانات المالية المتاحة له ، وله إنجازات علمية على أرض الواقع ترتبط بالإمكانات المالية المتاحة له ولقد كان صاحب خلق رفيع طبيباً محترفاً يجيد التعامل مع طبقة الأطباء والمرضى. وللآخرين من الوزراء الذين انتهت فترة وزاراتهم إنجازات تحققت على أرض الواقع يشكرون عليها.
وإذا كان هناك رسالة وددت إرسالها للزملاء الوزراء الجدد بعد تهنئتي لهم بالثقة الملكية ودعواتي لهم بالتوفيق والنجاح ، أوصيهم بتقوى الله أولاً ورعاية مصالح المواطنين والمقيمين ثانياً، متمنياً منهم أن لا يبنوا مجدهم على البحث عن أخطاء الوزراء السابقين أو على أخطاء بعض المسئولين السابقين في تلك الوزارات فكلنا خطاؤون وكلنا مجتهدون في عملنا نصيب ونخطئ ولا نصر على أخطائنا.
إن من يعتقد أن تعيينه جاء لمحاسبة الماضي قد يخطئ وإنما الأساس في وجهة نظري هو تطوير الحاضر للوصول إلى أفضل مستقبل، وعليه أن يبدأ الوزراء الجدد من حيث انتهى الآخرون، ولا داعي للقرارات النارية السريعة التي تحدث فرقعات إعلامية يعتقد البعض انها تحقق لهم نجاحاً يحسب لهم وبصرف النظر عن الآثار السلبية والتي منها الإساءة للآخرين ولا سيما أن من يعتلي المنبر يكون صوته أعلى والمذياع في يده أما الآخرون فهم جلوس على الأرض أو الكراسي الخلفية لا يسمع صوتهم لأنهم بدون مذياع وبعيدون عن الصفوف الأمامية ويعتقد البعض أن القرارات النارية مثل الفصل أو العزل أو نقل كبار المسئولين في الوزارة قد يشابه قول الحجاج بن يوسف الثقفي (إني أرى رؤوساً قد أينعت وقد حان قطافها ) وهو نمط إداري ديكتاتوري لا يخلف سوى الأحقاد والضغينة في نفوس الموظفين والمديرين ولا يسهم في تطوير العمل ويضع المسئولين في حالة قلق وخوف مما يجعلهم في تردد مستمر عند اتخاذ القرارات والأمثلة عديدة.
وفي غياب النقابات العمالية أو اللجان الوطنية للموظفين السعوديين في الوظائف الحكومية، وفي ظل صعوبة مقاضاة بعض الوزراء تجاه قراراتهم التعسفية يضيع بعض الموظفين في البحث عن حقوقهم الإدارية والمعنوية.
لذا آمل من أخواني الوزراء الجدد أن لا يبنوا مجدهم وسمعتهم بقرارات الفصل والنقل وسحب الصلاحيات قبل التأكد من جدواها وأهميتها أو لا يضيعوا وقتهم في البحث عن أخطاء من سبقهم في كرسي الوزارة.
فالمرحلة القادمة تحتاج إلى تكملة المشوار لبناء منظومة حديثة تواكب التطور الذي نبحث عنه وإلا سيأتيهم الدور ولو بعد حين.