إن النفس الأمارة بالسوء إذا أُرخي لها العنان ذهبت بالإِنسان مذاهب الردى والهلاك، ووجد الحاقدون فيها مدخلاً ومرتعاً لأغراضهم السيئة ومقاصدهم الباطلة التي يبثونها في قوالب التحسين والإصلاح، وما وُجدت أساليب العنف والإرهاب، وأعمال التخريب والفساد والاعتداء وقتل النفوس بغير حق إلا بعد تضليل العقول وإزاغة القلوب وإبعادها عن الحق والصواب؛ حتى تشربت تلك القلوب بالانحراف الفكري فلا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً.
وأصبح تَصرف هذه العقول المضلَّلة ينطلق من الغلو في الاعتقاد الذي هو أخطر أنواع الغلو، حيث قادهم ذلك إلى ارتكاب سلسلة من الجرائم الكبرى، وانتحلوا فكر الخوارج، فكفَّروا من يخالفهم في معتقداتهم، واستحلوا دمه، وماله، وعرضه، وسعوا إلى بث الرعب، والخوف بين الناس، ونشر فتيل الفتن بينهم.
وكان من جرائم تلك العقول الضالة أحداث الإرهاب التي أساؤا فيها للإسلام النقي حيث أزهقت أرواح وأصيبت أبدان، ودمرت ممتلكات نتيجة الإرهاب البغيض، وما أعظم جريمة من تجرأ على حدود الله، وحرماته، وظَلَم العباد، وخَوَّف الناس وأذى المؤمنين والأبرياء، لقد تجردت تلك العقول من معاني الإِنسانية، وامتلأت قلوبهم قسوة وكراهية، فصاروا يصبحون ويمسون وهم يخططون للإجرام والفساد.
وكل أحداث الإرهاب التي وقعت تشير إلى التدبير الآثم والتخطيط الماكر من قبل هؤلاء الذين يُضللون عقول الناشئة ويستهدفون أمن البلاد ويريدون الزَّج بها في فتن دهماء، ولما أفلسوا في مخططاتهم السابقة تحولوا إلى مرحلة أخطر وهي إشعال نار فتنة الاختلاف المذهبي بين الناس، إنها أصابع خفية مستترة تجعل من شبابنا أجندة لتنفيذ مخططهم، ولكنَّ فضل الله علينا عظيم حيث صعقوا بقوة الأمن ويقظة رجاله الأماجد الذين كتموا أنفاس العدو وتتبعوه في أوكاره وردوه خاسراً وهو حسير.
والله ولي التوفيق.