الجزيرة - الرياض:
أكد مختصون أهمية التزام الشركات المساهمة والعائلية بضوابط ومعايير الإفصاح والشفافية المعروفة اصطلاحاً باسم «الحوكمة»، وضرورة وضع مبادئ تضمن مراقبة ومحاسبة مجالس إدارات الشركات، بهدف منع أعمال التحايل والتلاعب، وضمان حسن الأداء والحفاظ على مصالح المساهمين، وحماية أموال الشركة باعتبارها جزءا مهما من الاقتصاد الوطني ينبغي الحفاظ عليه وتنميته. جاء ذلك خلال محاضرة «حوكمة الشركات..تحديات تواجه الشركات المساهمة» التي نظمتها غرفة الرياض ممثلة بلجنة الاستثمار والأوراق المالية امس الاول بالتعاون مع كرسي سابك لدراسات الأسواق المالية، وشارك فيها ثلاثة من أساتذة القانون التجاري والفقه بالجامعات السعودية، وأدارها المستشار القانوني عاصم عبدالوهاب العيسى عضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية. من جانبه ركز الدكتور فهد الماجد أستاذ القانون التجاري المساعد بجامعة الملك سعود والخبير في مجال الحوكمة على تحديات تطبيق الحوكمة في الشركات المساهمة، وقال إن مبادئ الحوكمة تفرض على مجالس إدارات الشركات المساهمة الالتزام بمعايير الإفصاح والشفافية في كل ما يتصل بالعقود التي تبرمها الشركة، والتقارير الدورية السنوية وربع السنوية، والتقارير التي تزود بها الجهات الإشرافية والرقابية، والإعلان بوضوح للجمهور عن كافة التطورات الجوهرية التي تمر بها الشركة. وأوضح الماجد أن إجراءات الرقابة على أعمال وتصرفات مجالس الإدارات تتأثر قوة وضعفاً بمدى معرفة المساهمين بحقوقهم، وأرجع ضعف التمثيل في مجلس الإدارة لسيطرة كبار المساهمين على عضوية المجلس والتحكم في القرارات الإستراتيجية للشركة، وكذلك بسبب قلة الوسائل الفعالة المتاحة للمساهمين للمحاسبة الحقيقية لمجلس الإدارة، لافتاً إلى أن مجلس الإدارة قد يبرم عقوداً بمبالغ مالية ضخمة لا يتم الإعلان عنها لتجنب مراقبتها، ولوجود ما يعرف بتضارب المصالح، وقال إن سيادة معايير الحوكمة تشكل صمام الأمان من أية أعمال تلاعب أو استغلال نفوذ. ثم تحدث الدكتور أحمد الرزين أستاذ الفقه المساعد في جامعة الإمام عن الجانب الفقهي للحوكمة، وأوضح أن لها أصل واضح سبقت به الشريعة الإسلامية قبل ظهور المصطلح نفسه، حيث تؤكد مبادئ الشريعة درء المفاسد وتحقيق المصالح، وأن ما يتم الواجب به، فهو واجب، وقال إن حفظ أموال الناس وأعراضهم وحماية مصالح البلاد والعباد هو مسؤولية ولي الأمر ومؤسسات الدولة. وتابعن الفقهاء أجازوا أحقية الشريك «رب المال» في الرقابة المباشرة على الشركة، انطلاقاً مما دعا إليه الرسول الكريم بالالتزام بالصدق والأمانة والنهي عن الغش، وعدم الكتمان أو الإخفاء الذي هو من الكذب، وقال إن الفقهاء سبقوا بمفهوم تعارض المصالح عندما منعت بيع الوكيل لنفسه، إلا إذا كان مزاداً بضوابط. من جهته ركز الدكتور مشعل خليل فرج أستاذ القانون التجاري المساعد بجامعة تبوك، حديثه على عرض قضية واقعية بالمملكة تم النشر عنها عام 2005، بين شركة «صدق»، وجمعية البر بجدة، حيث لجأت الأولى للحصول على قرض حسن من الأخيرة، ثم تم تحويل القرض إلى شركة «ينساب»، وعندما وقع التنازع بينهما، لجأت الجمعية للقضاء ليفصل بينهما، حيث خسرت «صدق» القضية. وأضاف فرج أنه طرح في رسالته للدكتوراه فيما بعد اقتراحاً بمراعاة المرونة لمجلس إدارة الشركة لاتخاذ قرارات قد يكون فيها شيئاً من المخاطرة، حتى لا يتسبب مبدأ المحاسبة في إحجام مجلس الإدارة عن اتخاذ مبادرات مفيدة أو بناءة لمصلحة الشركة، لكن المحاسبة تكون واجبة على مسؤولية اتخاذ قرارات غير مبنية على معلومات سليمة. من جهته قال العيسى مدير المحاضرة في إيضاح حول نظام الشركات المساهمة إن تغيير العضو المنتدب للشركة ممكن بقرار من مجلس الإدارة، أما عزله بوصفه عضواً في الجمعية العمومية فيتطلب قراراً من الجمعية نفسها، بينما لا يملك ذلك الإجراء مجلس الإدارة، وقال إنه في حال رغبت الشركة مساءلة مجلس الإدارة فلها ذلك بقرار من الجمعية العمومية بنسبة50% من الأصوات، لافتا إلى أن ذلك لا يتحقق في أغلب الأحوال، لأن مجلس الإدارة معين من كبار المساهمين، ودعا العيسى وزارة التجارة للتدخل في مثل هذه الحالة لإيجاد حل لها.