القاهرة – سجى عارف:
افتتح صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز الرئيس الشرفي للمجلس العربي للمياه بالقاهرة فعاليات المنتدى العربي الثالث للمياه الذى ينظمه المجلس العربي للمياه تحت شعار «معًا نحو مستقبل مائي عربي أمن»، ويستمر لمدة ثلاثة أيام، بحضور عدد من وزراء المياه والزراعة وكبار المسئولين والخبراء من مختلف الحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية وفي كلمته قال سمو الأمير خالد بن سلطان « أستهل كلمتي بأن أحيي، من أرض الكنانة، أرض ذات تاريخ وحضارة، وشعب ذو علم وثقافة، قادر بوعيه على لجم كل عنف، وإيقاف كل تطرف، شعب بنيانه حصين، واحتراقه عسير لم يتخل، على مدى تاريخه، عن دوره الريادي، حرباً وسلماً، فظلت مصر، أبداً، ثقافة وفناً، علماً وبحثاً، رقياً وفكراً، جعلها الله آمنة مطمئنة، وأدامها شامخة عزيزة، منيعة محروسة واستكمل الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز قائلاً، أحيي هذا الشعب الأصيل، الذي يثبت كل يوم أصالته وعروبته وخدمته للإسلام، ورفضه الإرهاب والتطرف، والتخلف والعودة إلى عصور الظلام، أحييه لوقوفه صفاً واحداً، في مشهد غير مسبوق في التاريخ، وراء قيادة وطنية، أنقذت مصر والعالمين: العربي والإسلامي، وأفشلت مخططاً تخريبياً، وهدمت أطماعاً دنيوية، وأبعدت شبح التقسيم، طائفياً كان أو مذهبياً أو عرقياً، ورسمت خريطة للمستقبل، وأوفت بالتزامها واستحقاقتها، فحق لهذا الشعب الأبي: موفور التحية وعميق التقدير وبالشعب وقيادته الوطنية يشعر المخلصون في الأمة بالأمان، ويلحق بالمتخاذلين الخزي والخسران، ولنستحضر في هذا المقام، الكلمات الحازمة لسيدي خادم الحرمين الشريفين ومشاعره الصادقة، التي تشع إسلاماً، نبلاً ورجولة، في أغسطس 2013 «لقد تابعنا، ببالغ الأسى، ما يجري في وطننا الثاني جمهورية مصر العربية الشقيق، من أحداث تسر كل عدو كاره لاستقرار مصر وأمنها وشعبها، وتؤلم في ذاك الوقت كل محب حريص على ثبات الصف المصري ووحدته، الذي يتعرض اليوم لكيد الحاقدين في محاولة فاشلة، إن شاء الله، لضرب وحدته واستقراره واستطراده مهيباً: برجال مصر و الأمتين العربية والإسلامية، والشرفاء من العلماء، وأهل الفكر والوعي، والعقل والقلم، أن يقفوا وقفة رجل واحد، وقلب واحد، في وجه كل من يحاول أن يزعزع دولة دوله لها في تاريخ الأمة الإسلامية والعربية مكان الصدارة مع أشقائها من الشرفاء ثم إعلانه الحاسم لموقف المملكة، من دون ترددأو خشيه: ‹وليعلم العالم أجمع، أن المملكة العربية السعودية، شعبا وحكومة، وقفت وتقف اليوم مع أشقائها ضد الإرهاب والضلال.. وكل من يحاول المساس بشئون مصر الداخلية› وفي رسالته إلى رئيس الجمهورية، في يونيه الماضي، أوضح دون لبس أو خفاء: ‹ إن المساس بمصر، مساس بالإسلام والعروبة وبالمملكة› صدقت يا سيدي، أوجزت وأوفيت، فكلماتك: قوه وحزم، وحكمه وحنكه ، وأوضح سموه أن اختيار الشعار العام للمنتدى ليكون› معا نحو مستقبل مائي عربي آمن›. شعار شامل ومتفائل، إلا أن تنفيذه يتطلب أن تتمتع الدول العربية بحد أدنى من درجات الوحدة السياسية أو الاتفاق الاقتصادي، أو التوافق الاجتماعي، حتي لا تتفتت الجهود، وتتبخر الآمال، وتتفرق المصالح. وكلي أمل أن نوفق في مؤتمراتنا هذه، ونحقق ما يرفع من شعارات، وأن نتجاوز ما يعوق تقدم دولنا، ونركز جهودنا في توفير قطره الماء النظيفة الآمنة. إذ الفشل أو العجز في ضمان الحد الأدنى من الأمن المائي العربي، قد يهدد بموجه عاتية أشد وأقسى من عدم الاستقرار: السياسي والاجتماعي تصيب الدول العربية كافة وأوضح سموه أن الفجوة المائية بين العرض والطلب تنذر بخطر يتفاقم يوما بعد يوم, إذ كلما زاد العطش ازداد الجوع وكلما استفحل استشري الفقر في أبشع صوره وحيثما يحل الفقر تتقلص فرص التنمية والنمو وأينما تناقضت هذه الفرص ضاعت حرية الرأي وامتلاك القرار. إن تجاوز الفجوة المائية الحالية، في المنطقة العربية، لا يكون إلا بالإدارة الحكيمة: ترشيداً للاستهلاك، وتنمية للموارد المياه، وإضافة لموارد مائية جديدة: تقليدية وغير تقليدية، فضلاً عن ضرورة الاهتمام بالفرد، قدر اهتمامها بالمياه، إذ هو المستهلك والمرشد، و هو المبدع والمقرر، وهو من سيتولي الإدارة العلمية الصحيحة. وقال سموه لقد اقترحت، في مناسبات سابقة، أهمية تسعير›سلعة المياه›، لاتزان الطلب مع العرض، وقصدته وأقصده، هو التسعير العادل للمياه، فالمياه المجانية أو شبه المجانية هي مياه مهدرة، إن فرد تعريفات للمياه من شأنه ترشيد استخدامها وتحقيق استرجاع كلفتها بشكل تدريجي، وتعزيز للعدالة، من خلال دعم مالي هادف للأسعار، فضلاً عن تشجيع استثمارات القطاع الخاص والشراكات بينه وبين القطاع العام، في تقديم مياه نظيفة وخدمات صحية مأمونة، مع المحافظة على الشفافية. وفي ختام كلمته، دعا الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز، الله أن يكون تفكيرنا عند اقتراح الحول والبدائل من خارج الصندوق كما يقال إذ لابد من الإبداع في المقترحات، خاصة ما فتحته تقنية النانو تكنولوجي من اكتشافات علمية في معظم المجالات فهذا ما يجب أن ينفذ ويشجع بالتوازي مع الوسائل التقليدية المتطورة. علماؤنا المخلصون قادرون، بمشيئة الله، على ذلك، كما كان دوماً، على مدى العصور، عند حسن ظن أمتهم بهم، وأخيراً قال مستشهداً بآية من القرآن الكريم›وكلوا وأشربوا ولا تسرفوا إنه لا يجب المسرفين›
من جانبه قال الدكتور محمود أبو زيد رئيس المجلس العربي للمياه وزير الري الأسبق، بأن المنتدى سيركز في مناقشاته على التحديات المائية التي تواجه المنطقة العربية وسبل مواجهة مخاطر الشح المائي وتعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة وتنمية مهارات الدبلوماسية المائية، باعتبارها السلاح الأجدر حاليًا لضمان نجاح التفاوض حول المياه المشتركة في المنطقة العربية، مشيرًا إلى أن 60% من موارد المياه العربية مشتركة مع دول أخرى، ما قد يكون أحد مسببات النزاع، وهو ما يجعل الدبلوماسية المائية من أهم الوسائل لإيجاد الحلول السلمية.
من جانبه قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، إن ندرة المياه في المنطقة العربية باتت تطرح تحديات جديدة في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تشهدها المنطقة، وتفرض علينا جميعا التعامل مع تحديات المياه حاضرا ومستقبلا بعقلية جديدة. وأوضح في كلمته التي ألقتها نيابة عنه السفيرة شهيرة وهبي، أنه لا بد من الانفتاح والتعاون وبناء الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص وتفعيل دور المجتمع المدني والمنظمات العربية والإقليمية والدولية وأشار إلى أن العقلية الجديدة تتسم أيضا بالانفتاح على القطاعات الأخرى التي لها تأثير حاسم على أمن المياه ومستقبلها في المنطقة، فضلا عن توفير الجرأة والإقدام في اتخاذ القرارات الصعبة، والعمل على توفير الأطر التشريعية والموارد المالية الضرورية لتحقيق الأمن الغذائي العربي. ولفت إلى أن الوضع المائي في فلسطين يتطلب مناقشة من قبل القانون الدولي، والممارسات الاحتلالية من مختلف أبعادها لاستعادة الحقوق العربية.
ويناقش المنتدى العربي مستقبل المياه العربية، والأوضاع المائية العربية محليًا وعالميًا، وآليات ضمان استدامة الموارد المائية، وتحديث المعلومات حول الموارد المائية المشتركة في الدول العربية مثل نهري النيل والفرات ووضع الآليات والحلول المناسبة لفض النزاع حول المياه المشتركة.