نعود مرة أخرى إلى موضوع الإعلام والإشاعة وهو الكتابة عن (المؤتمر الدولي للإعلام والإشاعة: المخاطر المجتمعية وسبل المواجهة) الذي نظمته جامعة الملك خالد بأبها الأسبوع قبل الماضي،
وقد استطاع المؤتمر أن يفرض موضوع الإشاعة على الرأي العام خلال فترة المؤتمر وما تلاه من الكثير من الكتابات الصحافية والتقارير التلفزيونية في القنوات السعودية والفضائية وفي الصحف الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي. وكان لمشاركة أكثر من ثمانين باحثا وخبيرا من داخل المملكة وخارجها في فعاليات المؤتمر أكبر الأثر في استنطاق الجوانب المختلفة في موضوع وقضية الإشاعة في المجتمع السعودي والعربي والدولي، كما كان لحضور أكثر من ألف شخص من الرجال والنساء لمختلف فعاليات المؤتمر أثر كبير في نشر تداول هذا الموضوع..
ونلاحظ أن التوصيات العشر التي أعلن عنها المؤتمر في ختام جلساته تلخص القضايا الإستراتيجية في موضوع الإشاعة، وقد كتبت في الأسبوع الماضي عن إحدى أهم التوصيات وهي تطوير منصات الاتصال في الجهات الحكومية وغيرها من الجهات من أجل أن تعمل على متابعة ما يستجد في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي من إشاعات وأخبار مغلوطة عن تلك المؤسسات، وما يستدعي الرد المباشر على تلك الإشاعات والأقاويل حتى يتم إيقاف سيل الإشاعات التي تتنامى بعد الإشاعة الأولى وعدم الرد عليها.. واقترح المؤتمر استصدرا قرارات تلزم تلك الجهات بضرورة تطوير منصاتها الاتصالية لأهمية توضيح الحقائق بشكل جلي أمام الرأي العام..
وهنا نضيف الحديث عن توصية أخرى ذات أهمية عن موضوع الإشاعة ونصها «تأسيس مركز وطني الكتروني لمكافحة الإشاعة تابع لوزارة الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية لعرض الإشاعات المتداولة ويرد عليها أو ينسق مع الجهات المعنية بها للرد وبيان الحقائق، ويشجع المبادرات الحالية التي تعمل في هذا الاتجاه». ويقترح المؤتمر بعد أن نظر في واقع عدد من المواقع الحالية التي تحاول أن تكون منصة اتصالية الكترونية للرد على بعض الإشاعات في مجالات معينة، أن يتأسس مركز وطني كموقع اليكتروني يكون معنيا بالإشاعات في مختلف مجالات الحياة السعودية، للرد على الإشاعات التي يتم تداولها في شبكات التواصل الاجتماعي وحتى عبر برامج الاتصال الهاتفي كواتس اب وغيرها. ووجود مثل هذه المنصة الوطنية سيساعد كثيرا على الحد من الإشاعات وتقليص خسائرها على المؤسسات الوطنية. ويعمل هذا المركز على التنسيق مع كافة الجهات الحكومية على وجه الخصوص لنشر الإيضاحات المطلوبة تجاه الإشاعات المنتشرة عن تلك الجهات.
وقد اقترح المؤتمر الدولي للإعلام والإشاعة أن يناط تأسيس هذا المركز بوزارة الثقافة والإعلام، باعتبارها معنية بشكل مباشرة بوسائل الإعلام المحلية والدولية وبشبكات التواصل الاجتماعي، ويكون المركز وسيلة مباشرة للرد على تلك الإشاعات، من خلال نشر مضمون الإشاعة ونشر رد الجهة المعنية مباشرة وفي قت قصير على تلك الإشاعة، وللجهة المعنية أن تنشر ردها في منصاتها الاتصالية الخاصة بها، ولكن يعاد بثها عبر هذا الموقع الوطني الذي له تأثيره وتداوله في المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعية، ويصبح هذا الموقع هو موقع رسمي يمثل كافة الجهات المعنية في الدولة من وزارات وهيئات حكومية. وسيكون هدف المركز هو الحد من انتشار الإشاعات في الوسط السعودي بشكل خاص، وإيقاف تناميها والحد من تداعياتها المجتمعية. كما سيكون المركز مصدرا مهما لوسائل الإعلام وغيرها من المؤسسات في استقصاء الأخبار الصحيحة والإيضاحات المطلوبة.
وأخيرا وليس آخرا، في موضوع التوصيات التي صدرت عن المؤتمر فقد تم اقتراح التوصية لجامعة الملك خالد لإنشاء مركز بحثي متخصص في دراسة الإشاعة وآثارها ومخاطرها وسبل مواجهتها على المستوى المحلي والدولي.. وهذه التوصية تؤسس لدراسات معمقة عن قضايا الإعلام والإشاعة كمجال علمي وتأثير مجتمعي، حيث يمكن عند تأسيس مثل هذا المركز أن يصبح مركزا وطنيا / دوليا متخصصا في مجال الإشاعة، حيث باتت ظاهرة كبيرة تهدد مسيرة المجتمعات في بعض الأحيان، وتهدد تماسك المجتمعات ومؤسساتها في أكثر الأحيان. ووجود مثل هذا المركز البحثي سيساعد على نشر الوعي المجتمعي من ناحية، إضافة إلى تقديم دورات تدريبية للتعامل مع الإشاعات من قبل أجهزة الإعلام والاتصال في الجهات الحكومية والخاصة.