هل يستطيع أوباما قفل الملف النووي الإيراني قبل أن يتمكن الجمهوريون من عرقلته؟

محمد المسفر

مما يظهر لنا أن أوباما في سباق مع الزمن هو وفريقه المفاوض مع إيران محاولة منه لقفل ملفها النووي، ولعل المحادثات التي جرت في عمان بين وزيري خارجية الولايات المتحدة وإيران وممثلة الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتن هي من المحاولات لسرعة إقفال هذا الملف، قبل أن يصل ممثلو الحزب الجمهوري الفائزون بمقاعد الأغلبية بمجلس الشيوخ الأمريكي، فيعرقلون جهود إدارته وفريقه التفاوضي والذي بلا شك ستستغله إيران في المماطلة ومحاولة فرض شروطها، مستغلة هذا الضغط من الكونجرس على أوباما وإدارته، ومهما كثَّفت الإدارة الأمريكية من هذه المحادثات أو أعطت الجانب الإيراني من تنازلات هامشية أو وعود بتنازلات وامتيازات إستراتيجية في المستقبل مثل بعض النفوذ لإيران في الخليج أو الجانب السوري أو غيره، لن تكون إيران سهلة ومتعاونة في هذا الجانب لأنها تدرك أن المفاوض الأمريكي في أصعب حالاته، وقد تماطل إيران وتجعل المفاوضات تدخل مرحلة كرّ وفرّ حتى يحين فعلاً ضغط الجمهوريين في الكونجرس على أوباما وإدارته، فلربما تخرج إيران ببعض النَّفس الدبلوماسي، فتستطيع أن تفرض بعض مطالبها من خلال التفاوض وسط هذا الزخم الكبير والمتوقع لهذه الضغوط، وقد تستجيب إدارة أوباما وقد لا تستجيب، وإذا ما أخذنا ذكاء المفاوض الإيراني وتصلبه المستمر رغم قساوة العقوبات المفروضة على إيران والتي مضى عليها عشر سنوات ولم تؤثر على الداخل الإيراني بما ينعكس على تنازل القيادة الإيرانية أو يكون مؤثراً على تعنتها في ملفها النووي والتي يرى المفاوض الإيراني أنه هو ورقة لعبته الرابحة مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، وقد يكون صمام الأمان لها من أي قرارات أمريكية لإبعاد إيران عن لعب دور في الساحة الدولية، وبخاصة في مفاصل الربيع العربي والشأن السوري وإعادة رسم الشرق الأوسط الجديد، وتماشياً مع نظرية رايز المشؤومة التي ترى تغيير أصدقاء أمريكا في المرحلة القادمة، فإنه يبدو أن الولايات المتحدة تقر ذلك من خلال خلق شرق أوسط جديد، وهذا محفوف بالمخاطر وصانع القرار الأمريكي يعرف ذلك، لكنه ربما يجربه من منطلق التغيير في السياسة كما هو التغيير في الاقتصاد، فمثلما نجح النفط الأحفوري في خفض أسعار البترول وتغيير خريطة نفط الشرق الأوسط، فلربما تغيير الأصدقاء يحدث رسماً جديداً لخريطة الشرق الأوسط من الناحية السياسية، وتكون إيران هي الوجه اللاعب الجديد فيه، لكن ما يعوقذلك ولا يطمئن الغرب على هذه النظرية أطماع إيران وأيدولوجيتها الدينية وخطر نظامها ضد إسرائيل واستقرارها، والمتوقع والذي يراه كل مراقب للوضع أن يستمر الشد والجذب بين الولايات المتحدة وإيران في ملفها النووي، ويمكن أن يصحب ذلك تشديدٌ في العقوبات على إيران وما قد يكون مفاجئاً هو دور الجمهوريين في الكونجرس عندما يضغطون على الرئيس الأمريكي نحو هذا الملف لكن إيران كعادتها ممكن أن تناور، ولن يحسم هذا الملف إلا استخدام القوة أو عزل إيران كلية عن أي دور تلعبه الآن بدول المنطقة.