بقلم - كريستين بوراث:
متى يتعلق الأمر بكسب التزام الموظّفين وإدماجهم، لا بدّ أن يُظهر المسؤولون صفة محدّدة هي الاحترام، بحسب ما لاحظناه في دراسة شملت نحو 20 ألف موظّف من أرجاء العالم (أجرتها «هارفارد بيزنس ريفيو» بالتعاون مع توني شوارتز).
والواقع أنّه ما من سلوك قياديّ يؤتي مفعولاً أكبر على الموظّفين، من بين النتائج التي قمنا بقياسها. ولا شكّ في أنّ معاملة الموظّفين باحترام تُعتبَر أهمّ من الاعتراف بجهودهم وتقديرهم، ومن إلهام رؤية مؤسسية - أو حتّى من فرص التعلّم والنموّ والتطوّر المحتمَلة.
وكشف الموظّفون الذين حظوا باحترام رؤسائهم أنّ صحّتهم ورفاهيتهم تحسّنتا بنسبة 56 في المئة، وشعروا بثقة وأمان أكثر بواقع 1.72 مرّة، والتمسوا سعادة ورضا أعلى بنسبة 89 في المئة بوظيفتهم، وازدادت مستويات تركيزهم وتحديدهم للأولويّات بنسبة 92 في المئة، وباتوا يرون معنى وأهمّية أكثر لما يفعلونه بواقع 1.26 مرّة. إلى ذلك، زاد احتمال بقائهم مع مؤسّساتهم بواقع 1.1 مرة، وارتفعت مستويات إدماجهم بنسبة 55 في المئة.
لسوء الحظّ، زعم أكثر من نصف الموظّفين (54 في المئة منهم) أنّهم لا يحظون دوماً باحترام رؤسائهم، الأمر الذي يؤدّي إلى مستويات إدماج أقل، وإلى حركة أكبر للموظّفين المغادرين والجدد، وإلى تركيز وإنتاجيّة أقل، إلى جانب ارتفاع تكاليف الرعاية الصحّية.
وفي هذا الإطار، أجريتُ استطلاعاً مستقلاًّ، سألتُ فيه 125 موظّفاً عن سبب تصرّفهم بطريقة فظة. وزعم أكثر من 60 في المئة منهم أنّهم يرزحون تحت ضغط العمل وأنّه لا وقت لديهم ليكونوا لطفاء. إلاّ أنّ الاحترام يتمثّل بطريقة إيصال رسالة معيّنة - النبرة المعتمدة ولغة الجسد - وهو ليس تصرفاً مستقلاًّ. ويدعي 25 في المئة أنّهم لا يملكون مثالاً أعلى للاحترام داخل مؤسّستهم.
وقد درست طوال 18 عاماًتأثيرات اللياقة (وأعرّفها على أنّها سلوك ملؤه التهذيب وأخذ الآخرين بالحسبان في مكان العمل)، وتعلّمتُ أنّ معظم الناس لا يدركون ما هو تأثيرهم في الآخرين، وما هي نظرة الآخرين إليهم.
وتكشف دراساتنا أنّه في غياب الاحترام، لن يتمكن الموظفون من تقديم أداء جيّد حتّى لو أرادوا ذلك. وفي الاختبارات التي أجريتها بالتعاون مع أمير إيريز، شهدنا تدهوراً في الأداء في أعقاب سلوك فظ، علماً بأنّ ملاحظة الفظاظة بحدّ ذاتها كانت كفيلة بخفض مستويات الأداء بواقع النصف تقريباً.
تتسبّب هذه التكاليف بتراجع المحصلة النهائيّة للعمل، إذ أصبح الموظّفون أقلّ إبداعاً، وتعمّد زهاء نصفهم تقليص جهودهم أو خفض نوعيّة عملهم. ويشار أيضاً إلى أنّ عدم اللياقة تؤذي كذلك العلاقة بالعملاء، وجرّاء تفاعل سلبيّ وجيز، قد يكوّن العملاء فكرة عامّة عن الموظّفين الآخرين، والمؤسّسة، وحتّى العلامة التجاريّة.
من الضروريّ أن يشكّل المسؤولون قدوة للآخرين. ولا بدّ بالتالي من الترويج لثقافة الاحترام، عبر تعيين موظّفين على أساس اللياقة. ولا بد أيضاً من مكافأة ذلك خلال مراجعات الأداء، واعتماد مقاييس تشمل مهارات التعامل مع الآخرين والكفاءة العاطفيّة، وإدخال مفهوم الإقرار بجهود النظراء والعملاء، والمكافآت لتعزيز السلوك المبني على الاحترام.
وأخيراً، من الضروريّ أن يصحّح المسؤولون سوء التصرّف. ومن الضروري توجيه إنذار مناسب للموظفين الذين يفتقرون إلى الاحترام في تعاملهم مع الآخرين، إلى جانب توجيهات واضحة بشأن ما ينبغي تغييره. ولا بد من التطرّق لقلّة التهذيب على جناح السرعة، لأنّ الاحترام، في النهاية، يؤتي ثماره.
(كريستين بوراث/ أستاذة مشاركة في «كلية ماكدونو لإدارة الأعمال» في «جامعة جورجتاون»).