شهدت كل مناطق ومدن المملكة في السنوات الأخيرة نمواً سكانياً وعمرانياً هائلاً كان نتاج سنوات من بناء البنية التحتية للمدن التي كانت هي الأخرى نتيجة للضخ المتسارع للمشروعات التي جاءت بسبب اعتماد المملكة على الاقتصاد الريعي أي أن الدخل يأتي بدون نتاج خطط عمل للحصول على الدخل وإنما بسبب ثروة طبيعية رزقها الله هذه البلاد وكان من نتيجة ذلك الإقبال على تعمير المدن ومد الطرق بها وهذا يعني زيادة عدد المركبات وهذا ما تم الانتباه له من قبل مجلس الوزراء الموقر وبدأ يقر مشروعات النقل العام في مدن المملكه الرئيسية.
مدينة بريدة حاضرة منطقة القصيم وعاصمتها الإدارية وثاني مدينة.. في المنطقة الوسطى بعد مدينة الرياض، هذه المدينة شهدت في السنوات الأخيرة نمواً عمرانياً هائلاً فاق كل التوقعات وتوسعت رقعتها وتمددت شمالاً وغرباً وشرقاً وجنوباً وانتشرت المخططات السكنية فيها بامتداد متواصل ربما كان هو الأكبر في المنطقة الوسطى والتقارير تثبت أن مدينة بريدة تشهد طفرة عمرانية وسكانية لا مثيل لها.. حيث يزداد عدد السكان بشكل كبير فقد بلغ أكثر من 600.000 نسمة وازدادت الكثافة العمرانية للمدينه على مساحة تزيد عن400كم مربع وجاء ذلك بسبب عدد من العوامل أهمها وقوع المدينة بموقع إستراتيجي وبملتقى طرق محلية ودولية.
ومكانتها الاقتصادية في المجال الزراعي، حيث توجد بها أكبر مدينة لتسويق التمور عالمياً وأكبر مدينة لبيع الأنعام؛ وتحيط بالمدينة بساتين النخيل والفواكه والخضروات، ويوجد إلى الشمال الغربي منها مدينة جامعية ضخمة هي جامعة القصيم التي تضم أكثر من 70000 طالب وطالبة كما يوجد إلى الغرب منها مطاراً أصبح شبيهاً بالدولي، حيث تنطلق منه أسبوعيا كثر من 63 رحلة دولية وداخلية كما تم الانتهاء من إنشاء محطة القطار شرق المدينة والتي تقع على سكة حديد (الشمال-الجنوب).
وهذه النشاطات التجارية والمشروعات التنموية الكبرى في منطقة القصيم ومدينة بريدة عاصمتها خلقت زحاماً كبيراً داخل المدينة، حيث تغص طرقها بمئات السيارات يومياً وتعبرها آلاف الرحلات التي تقصد بشكل رئيسي ماذكر من نشاطات (الجامعة - المطار - مدينتي التمور والأنعام) إضافة للنشاطات التعليمية والتجارية الأخرى والحركة العابرة للمدينة مثل الحركة العابرة عبر طريق الملك فهد أو طريق الملك عبدالعزيز اللذين يخترقان المدينة ويشهدان كثافة مرورية عالية جداً وخصوصاً في ساعات الذروة، بل إن بعض تقاطعات المدينة مثل تقاطع طريق على بن أبي طالب مع طريق الملك عبدالعزيز وتقاطع طريق الملك عبدالعزيز مع طريق الملك فهد تشهد في ساعات الذروة ازدحاماً هائلاً وتراكما لحركة المرور وارتالاً للسيارات تمتد خلف بعضها لمدة تزيد عن 6 دقائق أو 10 دقائق أحياناً في مشهد لا يرى في أكثر المدن ازدحاما وذلك على الرغم من سعة الطرق وتعدد المحاور.
كما أن مدينتي بريدة وعنيزة أصبحتا بكتلة عمرانية وتنموية واحدة وذلك بسسب قربهما من بعضهم ووجود فاصل طبيعي بينهما هو وادي الرمة ولكنهما مشمولتان بطريق دائري واحد يمتد من الشمال للجنوب شرق المدينتين وغربهما كما أن طريق الملك عبدالله الذي يجري إنشاؤه حالياً يخترق مدينة بريدة من الشمال للجنوب ويمتد شرق مدينة عنيزة ومن الأجدى ربطهما بخطوط نقل (قطار - حافلات) وذلك للربط الاقتصادي بين المدينتين وتسويق المنتجات الزراعية كالتمور وغيرها وزيادة فرص النمو العمراني للمساحات الهائلة بين المدينتين وبهذا تزداد مقومات النمو العمراني شمال عنيزة وجنوب بريدة.
لقد تم تخطيط مدينة بريدة وعنيزة بمعزل عن توقعات النمو الهائل في الحركة المرورية وخاصة في مركز مدينة بريدة والذي تؤدي إليه طرق مختنقة بحركة كبيرة من السيارات والمشاة ومن الصعوبة البالغة توسعة هذه الطرق وإيجاد مواقف للعدد الهائل من السيارات حيث يتطلب ذلك إزالة كل مركز المدينة وتحويله إلى مواقف وهذا قتل له إضافة إلى التكاليف الباهظة لنزع ملكية العقارات لتوسعة الطرق وإيجاد المواقف ووضع كباري وأنفاق لحركة السيارات ومن الأجدى والأقل نزفا اقتصادياً وبيئياً أن يتم إغلاق هذه المنطقة بقطر 5كم ووضع خطوط نقل عام تخترقها مع مواقف على مداخل هذه المنطقة للوقوف وذلك أتوفير بيئة مريحة للمتسوقين وفك الاختناق المروري في المدينة وزيادة فرص الاستثمار التجاري وتوفير بيئة مناسبة للمشاة، إضافة إلى خطوط نقل عام تؤدي إلى المراكز الحيوية مثل جامعة القصيم ومطار القصيم ومحطة القطار شرق المدينة.
وأثق أن تنفيذ شبكة ولو بسيطة ستكون ذات مردود اقتصادي عالٍ جداً على المدن المزدحمة مرورياً وسكانياً مثل مدينة بريدة حيث أنه كلما زاد الازدحام واختنقت الطرق أصبحت المدينة طاردة للاستثمار والاقتصاد، ومن هنا يأتي الهدف العظيم لقرار مجلس الوزراء الموقر الصادر بتاريخ30-5-1433هجري) والذي نص على مايلي (يتم تنفيذ شبكات النقل العام في المدن ذات الكثافة السكانية العالية) ولاشك أن مدينة بريدة احد هذه المدن حيث تزداد نسبة السكان فيها سنويا بنسبة تزيد عن 6% وبهذا فإنها ستصل إلى أن تكون (مدينة مليونية) بعد تصميم الشبكة بمعنى أن القرار ينص على التنفيذ للمدن ذات الكثافة السكانية العالية وتصنف المدن من (500.000-600.000) ضمن المدن ذات الكثافة السكانية العالية ولحسن الحظ فقد قامت وزارة النقل بجهود من معالي الدكتور عبدالعزيز بن عبدالرحمن العوهلي (رئيس الهيئة العامة للنقل) عندما كان وكيلاً لوزارة النقل لشئون النقل بجهود رائعة ومتميزة لدراسة وتصميم شبكة النقل العام بمدينة بريدة عن طريق استشاري متخصص بتخطيط النقل العام وعقدت عدة ورش مع الجهات المرتبطة بالمشروع مثل امانة منطقة القصيم ومرور القصيم وتم المفاضلة بين عددمن البدائل وتحديد مسار الشبكة ولاشك أن هيئة النقل العام ممثلة بمعالي الدكتور عبدالعزيز العوهلي -حفظه الله- تضع البرامج والخطط وتستكمل الدراسات والتصاميم لتنفيذ هذه الشبكة التي أصبحت حاجة المدينة ماسة لها وذلك للزيادة الهائلة في حركة المرور والذي تغص به جميع شوارع المدينة، ولمجلس منطقة القصيم الذي يرأسه سمو أميرها الهمام الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز دور أساسي لمناقشة أولوية مثل هذا المشروع الإستراتيجي للمدينة وللمنطقة لما عرف من سموه من اهتمام بالشأن التنموي للمنطقة من خلال هذا المجلس الذي يبذل جهداً ملموساً للمواطن ولما لمجلس المنطقة من دور تنسيقي هام لمثل هذا المشروع وتذليل عقباته التخطيطية والتنفيذية مع الجهات المختصة وخاصة (هيئة النقل العام).