بخصوص الأمطار الأخيرة التي هطلت على منطقة الرياض وغيرها من مناطق المملكة وما نشرته صحيفة الجزيرة من مناشدة مدير الإدارة العامة للمرور اللواء عبدالرحمن بن عبدالله المقبل جميع قائدي المركبات من مواطنين ومقيمين في كافة مدن ومحافظات ومراكز المملكة إلى اتخاذ الحيطة والحذر في القيادة أثناء وبعد هطول الأمطار وحديث اللواء المقبل عن أن الالتزام بإجراءات السلامة المرورية وتوجيهات رجال المرور من شأنه أن يحد من الحوادث المرورية وضمان السلامة العامة، أقول إن بعض المغامرين لم يعد لديهم أدنى قدر من المبالاة بمآلات القيادة المتهورة، فعادة ما يوجد حد للسرعة على الطرق لتعريفك بمدى الأمان الذي توفره لك تلك السرعة في حالة الظروف الجيدة، لكن في حالة القيادة في ظروف سيئة فإن حد السرعة لا معنى له ومن الأفضل تقليل السرعة التي تقود بها، وفي حالة الأمطار فإن أخطر ما قد يواجهك نتيجة السرعة هو طفو السيارة لتصبح مثل المركب، حيث إن الإطارات تعمل على الحفاظ على اتصالك بالأرض، لكن عندما يصبح الطريق مبتل وأنت تقود بسرعة كبير فسوف تفقد نقطة اتصال الإطارات بالأرض وتصبح عائمة على وجه المياه ما يعني عدم قدرتك على توجيه السيارة أو حتى إيقافها عبر المكابح، لتجد سيارتك تتحرك تلقائياً ما قد يتسبب في خروجك عن الطريق والاصطدام بالسيارات الأخرى أو الوقوع عبر منحدر أو مرتفع.
من المهم عدم قيادة السيارة في طرق غارقة في المياه خاصة إذا لاحظت تحركها ـ أي المياه ـ من جانب إلى آخر وعدم معرفتك بمدى عمقها حتى لا تفاجأ بأن المياه تحمل سيارتك وتطفو في اتجاه سيل، وحتى إذا كانت المياه ساكنة فمن الأفضل عدم قيادة السيارة عبرها حيث إنك لا تعلم عمقها أو ماذا يوجد أسفلها ما يهدد إطارات سيارتك إذا كان يوجد مسامير أو زجاج مكسور ويهدد كذلك حياتك إذا تسببت المياه في تعطل السيارة في وسط الطريق.
قد يبدو العنوان كأنه أمر طبيعي لا يستحق التنبيه، لكن ستدهش من كمية الأشخاص الذين يخالفون ذلك المنطق بكل سهولة معتمدين على أنهم يحفظون الطريق جيداً ويمكنهم القيادة معصوبي الأعين، لذا من المهم جيداً الالتزام بعدم القيادة مع عدم القدرة على الرؤية حيث قد يؤدي ذلك إلى اصطدامك بسيارة أخرى متوقفة على الطريق أو أحد المشاة، بل وقد تكون قيادتك ليست في خط مستقيم ما قد يتسبب في وقوعك من فوق جسر أو خروجك عن الطريق لتصطدم بحائط، ومن الأفضل التوقف على جانب الطريق والانتظار حتى ينتهي المطر.
أيضاً من المهم عند قيادة سيارة أثناء هطول الأمطار استخدام المصابيح، وذلك حتى يتمكن قائدو السيارات الآخرين من رؤيتك، حيث إن هطول الأمطار يتسبب في جعل الرؤية غير واضحة، لذا فأي ضوء سيساعد قائدي السيارات الأخرى في الانتباه إلى أن هناك سيارات أخرى معه على الطريق وسيتمكن من تفاديها، لكن من المهم أيضاً عدم إضاءة المصابيح بدرجة عالية السطوع، صحيح أنه قد تساعدك في الرؤية أمامك لكن قد تسبب في عدم رؤية القادمين من الطريق المقابل، وقد يتسبب في حوادث أيضاً.
لقد أصبحنا نعاني بالفعل من قائدي السيارات الذين يتصرفون برعونة غير مُبررة. لم يكن هناك أي احترام للآخر!. كل شخص يُريد أن يفرض نفسه ، حسب قوة ومتانة سيارته. أصحاب السيارات الكبيرة فرضوا أمر الواقع على السيارات الصغيرة ، ليس هناك أي احترام للآخر أو حقه في أن يمر أمام هذه السيارات الضخمة. هذه الأزمة بينت أننا لا نتعامل مع بضعنا البعض باحترام وذوق واخلاق كما يقول دائماً شعار القيادة، سيارات تسير عكس اتجاه السير ، لا أحد يعرف إلى أين تذهب ، الجميع يُريد أن يأخذ الطريق له.. أن يتمكن من العبور حتى ولو كان ذلك مؤذياً للآخرين!. كنتُ أراقب سلوكيات السائقين غير الملتزمة وغير الواعية والتي تبخس الآخرين حقهم.. كل شخص يريد أن يذهب إلى مقصده. أحياناً نتيجة تعنت بعض السائقين يتوقف السير ، لا يُريد أحد أن يتنازل للمصحلة العامة؛ كان كل واحدٍ يعتقد أنه إذا تنازل لسائق آخر فكأنما هو انتقاص من حقه. فمتى نتعلم أن قيادة السيارة هي فعلاً ذوق؛ يجب على كلٍ منّا أن يعطي الفرصة للآخر في الأماكن التي تُسبّب ازدحاماً، وتحتاج منّا إلى قليل من التنازل كي يستطيع الآخر أن يمر بسيارته، حتى وإن كان الحق لنا في العبور، لن نخسر شيئاً إذا ما تنازلنا للآخرين ليمروا بسياراتهم. للأسف هذا الأمر لاحظته في حياتنا العادية.
إن السرعة الزائدة بشكلٍ مُبالغٌ فيه، سمة أكثر من يقودون سياراتهم على الطرق السريعة. ولقد استبشر الجميع خيراً بالأنظمة الجديدة التي وضعها المرور للحد من المخالفات والسرعة المتهورة هي أول هذه المخالفات لأن الحوادث أصبحت لا تُطاق في بلادنا، وأصبح من الطبيعي أن ترى حادثاً أو أكثر يومياً ، وتسمع عن وفيات بشكلٍ غير مقبول نتيجة الحوادث التي لا تعرف من المخطئ فيها لكن الضحايا هم الأهم والذين كان بالإمكان بعد إرادة الله أن نُجنبهم هذه الوفيات في سنٍ مُبكرة.
إذا كنّا نُعاني من مشاكل سير وحوادث غير مُبررة وأنانية فردية غير عادية في الظروف العادية فكيف يكون الأمر في ظروف طارئة لم نعتد عليها مثل ما حدث يوم المطر المشهود.!!.
الأزمة بينت أننا لا نتعامل مع بعضنا البعض بذوق وأخلاق كما يقول دائماً شعار القيادة.
محمد الشبرمي - الطائف