لا زلنا نذكر تلك الحرب الشعواء التي شنّها أقطاب الصحوة على الوزير غازي القصيبي يرحمه الله، فلم يبق اتهام إلا وألصق به، وعلينا أن نعترف بأنه خف وهج تصنيف الراحل، بعدما تصالح رموز الصحوة معه، ما يعني أن كل تلك الهجمة الشنيعة التي واجهها المرحوم لم تكن مبنية على أساس، بل كانت عبارة عن عداء له، ولمشروعه التنموي الذي يتعارض مع مخططات الصحوة، والتي كانت في أوج نشاطها في ذلك الوقت، وعلينا أن نتذكر أنه - وحتى اليوم - فإن من يريد السلامة من المسؤولين، والكتاب، والمثقفين يتوجب عليه أن لا يواجه مخططات الحزبيين، وإلا فإن مصيره التصنيف، ويساهم انحدار مستوى الوعي الجماهيري في انتشار التصنيف، ليبقى حائلاً أمام كل من يجرؤ على المواجهة!.
وخوفاً من «التصنيف»، فقد بلغ الأمر درجة أن بعض كتاب الصحف يبالغ في التقرب من الحزبيين، ويشتم خصومهم، لا عن قناعة، بل لأنه يحتاج لتصفيقهم، والذي يجلب جماهيرية الدهماء، والمثير للسخرية أن هؤلاء الكتاب ليسوا من الحزبيين ولا من المتدينين - حسب المواصفات المحلية للتدين -، وإنما هم كائنات تبحث عن شهرة، وجماهيرية على حساب كل مبدأ، ويخفى على هؤلاء المساكين أن الحزبي لا يمكن أن يثق بأي أحد من خارج التيار، ولكنه لا يمانع في الاستفادة ممن يعرض خدماته، بغض النظر عن توجهه الفكري، وعلى أي حال، فإن التصنيف ساهم في حرمان الوطن من كفاءات متميّزة، تتسنم مواقع هامة، ولكنها تترك دفة القيادة، والقرار للحزبيين العاملين معهم، خوفاً منهم، إذ أن هذه القيادات تؤثر السلامة على المواجهة!
هذه الأيام، تم تصنيف وزير التجارة والصناعة، الدكتور توفيق الربيعة، ويعلم الجميع حجم الإنجازات التي يقوم بها هذا الرجل، والناس شهود الله في أرضه، والغريب أن التصنيف يلاحق المتميّزين، فقد صنف الوزير الراحل عبدالله الطريقي، ثم صنف غازي، وها هو الدور يأتي على الربيعة، وأقول من هذا المنبر: ليكن التوجه الفكري لتوفيق الربيعة ما يكون، ولكن المواطنين لمسوا فرقاً في أداء وزارته، وبات المواطن يشعر بأن الوزير يعمل لمصلحته، لا لمصلحة التاجر، كما كان الحال فيما مضى، فقد أنصف الربيعة مواطنيه من شركات تأكل الأخضر واليابس، ويكفي الآن أن تقول لأي شركة، أو وكالة، أو محل بأنك ستشتكي على وزارة التجارة والصناعة، ليتم حل مشكلتك في دقائق، وهذا لم يحدث في تاريخ هذه الوزارة العتيدة، فرجاء توقفوا عن ملاحقة الناجحين، فلدينا كثير من المقصرين، والذين هم أولى بالملاحقة، وأختم بملاحظة قالها لي «شايب» خبر الحياة، فقد قلت له إن هناك من يتهم الوزير الربيعة بأنه إخواني، فقال: «وليكن، فهذا يعني أن لدينا «حكومة ائتلافية»، وهذه هي قمة الديمقراطية!!.