الذين يَتَّصفون بما ينطبق عليه العنوان منهم أُناس من داخل أُمَّتنا ومنهم أُناس من خارجها. وفي الأسبوع الماضي كان الحديث عن أُناس ينتسبون إلى هذه الأمة؛ وهم المُتحكِّمون في سوريا. وهؤلاء المُتحكِّمون أقلِّية كانوا يُسمَّون النصيرية. وقد تعاونوا مع المستعمر الفرنسي حين غزا واحتل سوريا.
ومن وجوه مكافأة ذلك المستعمر لهم أن سَّماهم بالعلويين، وفتح الطريق أمامهم لدخول الجيش. ومع مرور الوقت تغلغلوا في الجيش حتى أصبح منهم قادة كبار. ثم استولوا، بقيادة حافظ الأسد وصلاح جديد وأعوانهما، على الحكم في سوريا. واستبدوا بالحكم. وضاقت ذرعاً بهم أغلبية الشعب السوري. ومنذ أربع سنوات تحرَّكت هذه الأغلبية ضدهم. فارتكبوا أعنف أنواع الجرائم ضد تلك الأغلبية. وصارت نكبة سوريا مأساة هذه القرن الكبرى.
وفي هذه الحلقة من المقالة يأتي الحديث مختصراً عن جرائم دولة من خارج أُمَّتنا؛ وهي أمريكا. فهذه الدولة يَدَّعي قادتها أنهم يحاربون الإرهاب وهم في الواقع يرتكبونه. ومن يقرأ تاريخ هذه الدولة يجد أنه مُتَّصف بارتكاب الجرائم. فمن ذلك ما ارتكبه أسلاف قادتها ضد سكان أمريكا الأصليين جرائم تشمئز منها النفوس السليمة. فهم أول من استعمل المواد الجرثومية في حرب الإبادة التي ارتكبوها ضد أولئك السكان الأصليين. وفي القرن العشرين كانوا هم الذين ارتكبوا استخدام القنابل النووية؛ وذلك بإلقائها على هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين. وهم الذين استخدموا كل أنواع الأسلحة الفتَّاكة في حربهم ضد الفيتناميين. أما ما ارتكبه قادة أمريكا ضد أُمَّتنا العربية بالذات فأمر لا يخفى. ومن ذلك مشاركتهم الصهاينة في عدوانهم على الشعب الفلسطيني، واحتلالهم العراق وارتكاب أشنع الجرائم في السجون التي جعلوها مقراً لتلك الجرائم مثل سجن أبو غريب. ومن ذلك، أيضاً، إلقاء القنابل من طائرات بدون طيار في اليمن تقتل الآمنين من المواطنين دون تمييز.
وكنت قد أشرت إلى كثير مما أوردته هنا في أبيات من قصائد عديدة. ومن ذلك أبيات من قصيدة عنوانها: «نهر من العجب»:
كلُّ من في الأرضِ قد علموا
سادةَ التزييفِ والكَذِب
ورأوا بَلْوى جرائمهم
تملأ الدنيا مدى الحقبِ
أين شعبٌ كان ذا وطنٍ
وادعٍ خالٍ من النُّوبِ
لم يقضَّ الخوف مضجعه
أو يكابد وطأة السَّغَبِ؟
عندما حلُّوا بساحتِه
حلَّ طوفانٌ من الكُرَبِ
ما نجا من بَطِشهم هَرِمٌ
أو نجا مَنْ في المِهادِ صَبىِ
نشروا من بين ما نشروا
مَرضَ الطاعون والجَرَبِ
ذلك التاريخُ أسطُره
لوَّثت ما خُطَّ في الكتبِ
وسَليلُ القومِ سيرتُهم
تلك عن عينيه لم تَغِبِ
قُدوةً صارت له نسخت
ما حباه اللَّه كلَّ نبىِ
والذي قد مسَّ مهجتَّه
لَوثةٌ من فاتكِ الوَصَبِ
لا ترى عيناه ما ارتكبت
من صنوفِ البطشِ والسَّلَبِ
دولةٌ ساداتُها جعلوا
ذلَّنا نوعاً من الطَّربِ
وإذا لِيمتْ على صَلَفٍ
ثار بركاناً من الغَضَبِ
يا زماناً بات ممطره
إذ همى نهراً من العَجَبِ
كيف لا يبدو لناظره
ما بدا من جُرمِ مغتصبِ!
سُلِّمت بَغدادُ في طبقٍ
لعلوجِ الحقدِ من ذهبِ
وتلظَّى في مرابعها
مستطيرُ الرُّعب من لهبِ
وجَنَتْ صهيونُ ما حلمتْ
فيه من مُستَعذَبِ الأَربِ