لسنا ملائكة فنعمر الأرض برغم ماتؤتيه لنا من سنابل يباس وجدب إحسان، لسنا أنبياء نرضى الإساءات نقابلها عرفانا. لسنا إلا بني الأرض, ونرى بأن ماء العاطفة لايكفي يباسنا وتصحرنا، وعجاف الأيام, ونبحث صباحاً عن الإحسان في المعاملات والمصافحة والسلام بعيداً عن الود والنقاء والأمان،. لايلقون لك بابتسامة إلا من وراء مصلحة، وإن صافحت أحدهم قلّب يدك بحثاً عن معاملة أو إدانة تثبت قدومك إليه, وأن الطريق ماخلق للصدف، بل لا انجاز المهام والتعارف وإنهاء المختلف، ولنعترف، نحن جنس البشر أولويتنا للمناصب ثم القلب لاينكشف،. العجب أننا نحسن من باب الحاجة، وأن القلب قد غطت نكتته السوداء شغافه، وأننا صرنا نرتدي بزة الاحسان للاجتماعات واللقاءات، فإن خرجنا من حاجتنا خرجنا عبوساً قمطريرا, نحن لانرضى وعثاء الطريق وكآبة المنظر فنمشي لمن فرش لنا الأرض حريرا. دعهم في مصالحهم وحاجتهم يعمهون، ويتملقون، ويمدون كفاً بلاستيكية لمصافحتك، فلا تحس بحرارتها ودفء معشرها، ودعهم لقاضي السماء ينظر في نواياهم، فيسخر لك من الخلق أحبهم وأنفعهم وأرجاهم، ولايظلم ربك شيئاً. ((اعملوا آل داوود شكراً وقليلٌ من عباديَ الشكور )) سبأ 13 اعملوا أمة محمد صبرا, وظفراً،ادرؤوا الثقافة الخاطئة والعلم الذي جهلناه والنظرية التي ما اعترفنا ببرهانها,. من باب الإحسان في العمل حافظ على لين قلبك ابق على ثغرك ابتسامه..طوبى لمن أتبع إساءات الناس إحسانا، وكلما أخرج ودقه طيباً على صحرائهم فما لقي إلا اليباس ما أوقف غمامه، ولا ألحق رياءهم ملامة.. جحود الطين نكرانه، تجبره تعاليه, المقامات التي وضعوها، الحضارات التي أشادوها، مايزت طينيتهم وإن كانوا سواء، لاتشعر بالتجانس والائتلاف وأننا من نفس القبضة الربانية، ماء العاطفة لايسري مع الدم في العروق حين مد الأكف مصافحة، نظرة واحدة لليد البشرية وللفراغات بين الأصابع تدرك تماماً إننا أضعف من فكرة الاستقلال، وإننا أعجز من أن نحكم القبضة فلا نسمح لأصابع تداخلها تشعرها بالقوة والانتصار والسلام, هذا الشعور لايولد من الصدفة بل من الائتلاف والتصافي.حين تكتظ المدينة بالمصانع وأبراج الارسال والاستقبال وتقام المؤتمرات صبيحة اليوم وعشيته، يغدو الإحسان بزة رسمية ترتدى وتخلع للكسب أو للنزع للسيطرة والهيمنة. انظر ما أنت آت.. ربك المتكفل بالنوايا والأجور والجزاء والأقوات..