أحرزت دول مجلس التعاون الخليجي خطوات متقدمة في إطار إنهاء إعداد آلية موحدة لتبادل المعلومات بين مراكز المعلومات الائتمانية على مستوى الدول الأعضاء، في ظل المطالب بضرورة الاستعجال في موضوع إنجاز هذا المشروع تمهيداً لتطبيقه العام المقبل 2015.
وجاءت هذه الخطوة في إطار تحرك دول مجلس التعاون الخليجي نحو اتخاذ إجراءات موحدة لتطبيق وضبط الأنظمة واللوائح المتعلقة بالائتمان وحقوق المقرض والمقترض، تستهدف الحد من حالات التعثر في أوساط الشركات والأفراد، وتخفض مستويات الديون المتعثرة، وذلك من خلال تنسيق وتبادل المعلومات الائتمانية بين البنوك في الدول الأعضاء، بالطريقة التي تحمي المؤسسات المالية في المنطقة من مخاطر التعرض الائتماني.
ومن المتوقع أن تلعب الآلية الموحدة لتبادل المعلومات الائتمانية بين دول المجلس في حال تطبيقها دوراً فعلياً في حماية اقتصاداتها من أي أزمات أو تبعات ائتمانية، وتوجد نمواً صحياً للتمويل دون مخاطر عالية، وبنسب تعثر في السداد قليلة، إلى جانب تعزيز مسألة تحليل المخاطر من الاقتراض وإدارتها في المجتمعات الخليجية بأطيافها وشرائحها كافة، سواء للأفراد أو الشركات، وأيضاً المساهمة الفعّالة في حفظ الحقوق وتنظيم سوق الائتمان الخليجي، وخلق بيئة ائتمانية تقوم على الشفافية، وتوفير المعلومة الائتمانية الدقيقة المحدثة، ومساعدة مانحي الائتمان على اتخاذ قرارات تمويلية صحيحة وموضوعية من خلال جمع المعلومات الائتمانية وتحليلها وتصنيفها.
ويشير مراقبون إلى أنه مع الدروس التي تعلمتها المؤسسات المالية حول العالم من أزمة الائتمان العالمية، تبرز أكثر من أي وقت مضى أهمية جمع المعلومات الائتمانية إن كان للأفراد أو للشركات، لتوفير رؤية أوضح حول السلوك الائتماني؛ الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى خفض تكلفة الاقتراض على ذوي التصنيف الائتماني الجيد، وتخفيض المخاطر. لافتين في هذا الصدد إلى أن وجود مشروع لربط المعلومات الائتمانية بين الدول الخليجية سيسهم في منع العملاء الذين لا يتمتعون بملاءة مالية جيدة من استحقاق القروض، إلى جانب منع هؤلاء العملاء من الحصول على قروض من أكثر من بنك خليجي في وقت واحد والتهرب لاحقًا لعدم قدرتهم على السداد، خاصة أن كثيراً من الشركات والأفراد في منطقة الخليج لديها انكشافات ائتمانية (قروض) من بنوك متعددة في الدول الأعضاء، وهذا يتطلب تبادلاً فاعلاً للمعلومات لضمان قياس أدق للمخاطر المالية.
كما أكدوا أهمية خطوة تعزيز علاقات التواصل والتعاون وتبادل الخبرات في مجال توفير التقارير والمعلومات الائتمانية بين دول الخليج، وانعكاسها على تعزيز وصلابة اقتصادات هذه الدول وأسواقها الائتمانية والمالية. وقالوا إنه «في ظل التعافي الاقتصادي والتطور المتنامي للبنية المالية في المنطقة فقد أصبح من الضروري توفير مظلة واقية ومتكاملة لسوق الاقتراض، تساهم في تقليل نسبة المخاطرة إلى حدودها الدنيا، وتوفر رؤية واضحة لأنماط السلوك الائتماني؛ الأمر الذي يساعد بدوره في خفض كلفة الاقتراض والاستفادة من العروض التمويلية التي تقدمها المؤسسات المالية للأفراد والشركات ذات التصنيف الائتماني الجيد». وتابعوا: إن القطاع المصرفي الخليجي يشهد تطورات إيجابية من حيث توسع دور البنوك في عمليات التمويل وتطبيق أعلى المعايير المعتمدة في المجال الائتماني وتعزيز مبادئ الشفافية فيما يتعلق بعمليات الإقراض ومستويات الديون؛ ومن هنا يقوم دور الشركات الائتمانية على توفير المعلومات الضرورية التي تساعد المصارف والمؤسسات المالية على تقييم المخاطر، وتمكينها من تبني قرارات إيجابية للحد من الخسائر الائتمانية الناجمة عن القروض المتعثرة؛ ما يعزز من البنية المالية والتنظيمية لهذه الدول.
وكان بعض البنوك المركزية الخليجية قد أوصت في وقت سابق بأهمية تطبيق برنامج تبادل المعلومات الائتمانية بين الدول الأعضاء، مشيرين إلى ضرورة تقليل حجم المخاطر التي قد تتعرض لها الأنظمة المالية الخليجية من جراء عدم وجود أي تعاون بين دول المجلس فيما يخص المعلومات الائتمانية.
أمام ذلك، أكدت مصادر مصرفية متخصصة عدم وجود أي نوع من التنسيق بين دول المجلس فيما يتعلق بتبادل المعلومات الائتمانية، وهو ما يعد خللاً كبيراً في اقتصادياتها باعتبار أن هذه المعلومات من أساسيات القطاع المالي، ولإدارة المخاطر، سواء على مستوى الشركات أو الأفراد، خاصة مع النظر إلى تريليونات الريالات من الأعمال المالية في الخليج، واستغلال الكثير من قطاعات الأعمال - للأسف - هذه الفجوة الموجودة في المنطقة. وقالت: «إن قضية تبادل المعلومات الائتمانية أصبحت جوهرية ومؤشراً خلال الأزمة المالية العالمية، إلى جانب تعثر بعض المؤسسات العائلية الخليجية في حينه، التي كانت أيضاً مؤشراً آخر على أهمية هذه المعلومات وتوفيرها». كما لفتت إلى أن هناك حرصاً من قِبل السعودية لإيجاد آلية تنسيق وتبادل للمعلومات الائتمانية بين دول المجلس، باعتبار أن هذا الأمر يهمها في المقام الأول، وخصوصاً أن دول الخليج نجد فيها معظم العمليات المالية التي تتم لصالح مستثمرين سعوديين. ومع الأخذ في الاعتبار توجه دول المجلس نحو الوحدة النقدية - والحديث لا يزال للمصادر المصرفية - فإنه من باب أولى على الأقل تأمين حد أدنى من تبادل المعلوماتية فيما يتعلق بالعمليات المالية للمقترضين في الخليج. علماً بأن القرارات الخليجية الماضية تستهدف تنفيذ وتفعيل المواطنة الخليجية، وتطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس الطبيعيين والاعتباريين في ممارسة المهن والحرف والأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية.