قبل أن تعلن الهيئة المستقلة للانتخابات عن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية في دورتها الأولى، كان حشد من أنصار المترشحين المنصف المرزوقي والباجي قائد السبسي بصدد خوض معركة حامية الوطيس على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن تيقنوا من فوز السبسي بالمرتبة الأولى وفق تقدرات كافة مؤسسات سبر الآراء التي نشرت أرقامها حال غلق أبواب مراكز الاقتراع الأحد الماضي.
وتتواصل اليوم هذه الصراعات التي استنفدت طاقات تحمُّل التونسيين الذين كانوا يعتقدون أن الرئيس الحالي ومرشح حزب المؤتمر المنصف المرزوقي الذي حل في المركز الثاني في الرئاسية، هو المرشح الوحيد الذي التجأ إلى استعمال لغة التهديد والوعيد ضد منافسه التاريخي الباجي قائد السبسي زعيم حركة نداء تونس الفائزة بالتشريعية والدورة الأولى من الرئاسية.. إلا أن المتتبعين للمسار الانتخابي فوجئوا بتعمد السبسي نفسه ومن ورائه قياديي النداء، استغلال ألفاظ في شكل نعوت سيئة للغاية عندما يتحدثون عن الخصم المرزوقي.. وبذلك تحولت فضاءات الحوار التلفزية والإذاعية ومواقع التواصل الاجتماعي إلى حلبة صراع حقيقي بين أعداء يكنون لبعضهم البعض الكره والبغضاء.. وتراجعت صورة المرشحين في قلوب التونسيين الذين أصابتهم الحيرة.. لمن سيصوتون والمترشحان الواحد أسوأ من الآخر وهما يضربان على نفس الطبل الذي سبق وأن نبهوا إلى ضرورة تركه جانباً لأنه لا يخدم الديمقراطية، بل إنه يلحق بها ضرراً جسيماً.
وفيما يتزاحم أنصار النداء والمؤتمر على الحضور في البلاتوهات التلفزية المباشرة طمعاً في استقطاب أصوات جديدة لمرشحهم للدورة الثانية من الرئاسية، يحتدم النقاش في المكاتب المغلقة للحزبين البارزين، كما تنشط قيادات الأحزاب الأخرى من أجل إثقال كاهل النداء بشروط قد يعجز على تنفيذها مقابل منح مرشحه السبسي أصواتاً من فشل في الرئاسية، ولكنه حصد أرقاماً مقبولة تؤهله «ليمد رجليه» ويملي شروطه على حزب السبسي.
والمثير للانتباه أن الجبهة الشعبية اليسارية التي جددت أمس رفضها دعم المرزوقي باعتبار أنه مرشح المؤتمر وحركة النهضة التي تدعمه سراً والتي يكن لها اليساريون كرهاً تاريخياً راديكالياً، لم تعلن إلى اليوم دعمها للسبسي مثلما كان يتوقعه منها نداء تونس الذي يضم بين دفتيه آلاف اليساريين والنقابيين القريبين من الجبهة.
أما الاتحاد الوطني الحر فتقول التسريبات بشأن موقفه الذي سيعلن عنه رسمياً الثلاثاء المقبل، إنه حسم أمره وقرر الإسهام في فوز السبسي بكرسي قرطاج خصوصاً أن الحزب يمتلك قاعدة انتخابية هامة تسيل لعاب المترشحين الاثنين، إلا أن الاتحاد برئاسة رجل الأعمال سليم الرياحي الذي أضحى بفضل ثقله اللوجستي والمادي والبشري يستند في رأيه النهائي إلى ما سيقدمه له السبسي من مقابل «لخدماته الخاصة» بتوجيه أصوات ناخبيه لفائدة المرشح الذي سيخدم مصالحه في الحصول على حقائب وزارية ومناصب عليا في البرلمان الجديد.