تعتزم دبي منافسة لندن على حصة من أنشطة إدارة السيولة في البنوك الإسلامية بطرح منصة جديدة للتداول بنظام المرابحة.
وتدير الكثير من البنوك الإسلامية في العالم أموالها القصيرة الأجل بنظام المرابحة الذي يستحوذ فيه أحد البنوك على سلعة ثم يبيعها بسعر أعلى. وجرت العادة أن تشتري البنوك في منطقة الخليج وغيرها مثل جنوب شرق آسيا السلع الأولية المتداولة في بورصة لندن للمعادن.
وقال مسؤولون إن بورصة ناسداك دبي تأمل في الاستحواذ على حصة من هذا القطاع من خلال نظامها الخاص بالتداول بالمرابحة الذي اجتاز فترته التجريبية بنجاح.
وعلى الجانب الآخر، أطلق كذلك مركز دبي للسلع المتعددة الحكومي منصة لتداول السلع متوافقة مع الشريعة تتيح للبنوك الإسلامية بمنطقة الخليج إدارة تدفقاتها النقدية في المدى القصير.وتسمح منصة «تريد فلو» بتداول شهادات ملكية السلع المودعة بالمخازن.
وحسب الشريعة لا يجوز للبنوك الإسلامية المشاركة بأسواق ما بين البنوك التي تعمل بالفائدة المحرمة شرعا ولذا عانت من عدم وفرة أدوات إدارة السيولة.
ويأمل مركز السلع المتعددة أن تسهم منصته في حل هذه المشكلة كون شهادات ملكية البضائع قائمة على تداول حقيقي لأصول مادية وهو مبدأ مهم في التمويل الإسلامي.
وقال بول بوتس مدير المنصة لرويترز «ما أسسناه هو بديل مختلف تماما عما هو قائم... هي أصول تنتقل ملكيتها فعليا. تستطيع الهيئات الشرعية (للبنوك الإسلامية) التأكد من هذا وجميع العقود قياسية.»
وأضاف «أدركنا النقص في أدوات سوق النقد المتوافقة مع الشريعة وهذا يراكم كميات ضخمة من السيولة لدى البنوك الإسلامية.»
ويشغل المركز منصة تداول تقليدية لشهادات ملكية السلع منذ سنوات. وتتيح المنصة الإسلامية الجاري إنشاؤها متابعة انتقال ملكية السلع بما يطمئن بوجود عمليات بيع حقيقية.
ويعد هذا أمرا ضروريا لإقناع البنوك الإسلامية بإبرام عقود مرابحة فيما بينها لاستغلال فوائض السيولة.
وقال بوتس «كل صفقات البيع والشراء تتم بشكل قياسي تماما.»
وتعطي هذه المنصة الإسلامية - التي تشارك في تطويرها شركة دار الشريعة للمشورة الشرعية برئاسة أستاذ الشريعة البارز حسين حامد حسان - شهادة من مركز دبي للسلع المتعددة تفيد بتوافق مرافق التخزين مع الشريعة. وقال بوتس إنه سيتم تنظيم زيارات مفاجئة للمواقع كل ستة أشهر للتأكد من ذلك.
ناسداك دبي
وقال حامد أحمد علي الرئيس التنفيذي لناسداك دبي للصحفيين إن البورصة تعتقد أن بإمكانها أن تكون لاعبا إقليميا ثم عالميا بالتركيز على التميز بالسرعة والفاعلية وانخفاض التكاليف.
وقد يجد هذا النظام - على الأقل في البداية - صعوبة في منافسة سيولة وشهرة بورصة لندن للمعادن لكن علي أشار إلى أن ناسداك دبي ستتميز بعملها في توافق زمني مع منطقة الخليج مما قد يجعلها جاذبة للمؤسسات الإسلامية في المنطقة وجنوب شرق آسيا.
ومن المتوقع أيضا أن يحظى النظام بدعم من حكومة دبي التي أعطت أولوية لتطوير قطاع التمويل الإسلامي بالإمارة وتتمتع بعلاقات وثيقة مع كثير من البنوك والشركات العاملة في الإمارات العربية المتحدة.
وتتخذ ناسداك دبي منذ العام الماضي خطوات نحو منافسة لندن كمركز لتداول السندات الإسلامية مع قيام شركات كثير مرتبطة بدبي بإدراج صكوكها في البورصة.
وقال مصرف الإمارات الإسلامي الذي يتخذ من دبي مقرا له إنه يدعم نظام المرابحة الجديد وإنه أجرى أنشطة تمويل لعملائه تتجاوز قيمتها ملياري درهم (545 مليون دولار) على المنصة أثناء المرحلة التجريبية التي استمرت ستة أشهر.
وذكر مسؤولون بالبورصة أنهم سيجرون محادثات مع بنوك إقليمية وسعودية أخرى في الأسابيع والأشهر المقبلة في مسعى لضمان مشاركتها.
وقال الرئيس التنفيذي لمصرف الإمارات الإسلامي جمال بن غليطة إن النظام الجديد لن يسعى لأن يحل محل بورصة لندن للمعادن التي ستظل مركزا مهما لإدارة السيولة الإسلامية.
ويعمل نظام دبي ناسداك على تداول الشهادات المدعومة بأصول ولكل شهادة قيمة ثابتة تبلغ عشرة دولارات ومن ثم يمكن أن تتفاوت أحجام الصفقات بشكل كبير. وقال مسؤولون إن الصفقات التي أجريت حتى الآن مدعومة بالعقارات لكن الصفقات القادمة قد تستخدم الصكوك أو الأسهم أو أصولا أخرى.
وقال علي إن ناسداك دبي ستنظر مستقبلا في توسيع نطاق الأدوات الإسلامية المتداولة على منصتها إذ قد تضيف على سبيل المثال نظام الإجارة.
وقال ابن غليطة إن منصة ناسداك دبي التي تركز على التداول المدعوم بأصول غير السلع ستكون مكملة لنظام مركز دبي للسلع المتعددة وليست منافسة له.
وتعد مرابحة السلع إحدى صيغ التمويل الشائعة في قطاع المصارف الإسلامية لكن فقهاء ينتقدونها لغياب التداول الفعلي لملكية السلع.
وتعتمد المصارف الإسلامية عالميا على المرابحة بشكل مكثف. وتمثل صفقات المرابحة غالبا ما بين 30 و50 في المئة من ميزانيات المصارف الإسلامية حسب بيانات «نظام معلومات البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية».
وأصدر مصرف الإمارات المركزي شهادات إيداع قائمة على المرابحة وطرح آلية تمويل للبنوك بالمرابحة في يونيو حزيران 2011.
وبلغت حيازات بنوك الإمارات من شهادات الإيداع الإسلامية 15.1 مليار درهم (4.1 مليار دولار) في ديسمبر كانون الأول 2012 بزيادة 16.2 في المئة عنها قبل عام حسب بيانات المركزي الإماراتي.
ويرى محللون أن البنوك تحجم عن استبدال هذه الأداة المستخدمة على نطاق واسع لكن أداة قائمة على أصول مثل شهادات مركز السلع المتعددة قد تلقى إقبالا كبيرا من القطاع.