قبل مدة ليست بالبعيدة توالت الأحداث الدراماتيكية في شمال العراق، وسقطت الموصل والأنبار وديالى، وغيرها من المدن في شمال العراق، في مشهد لا يصدقه العقل، وذلك بتخلي الجيش العراقي عن دوره في الدفاع عن أمن تلك المناطق، وجعل من عصابات الإجرام تجول بدون عقاب. وإن هذه العصابات يحسب لها ألف حساب بعد وصولهم إلى المناطق النفطية، أو ما يعرف بالذهب الأسود، وأخذوا منهجاً إجرامياً، تأنف منه الأنفس الأبية، وهو قتل الآمنين ومعصومي الدم؛ لذلك حذر الملك عبدالله من خطر الجماعات الإرهابية الذين لا يعرفون منطقاً ولا نظاماً ولا احتراماً، بل يعرفون فقط تذكية البشر تماما كما تذكى الشياه. وقال الملك عبدالله إن الخطر سيصل إلى أوروبا بعد شهر، وأمريكا بعد شهرين، بمعنى أنه خطر عابر للحدود؛ فتحرك المجتمع الدولي بشن ضربات جوية؛ لأن العدو ليس له جيوش نظامية، إنما جماعات إجرامية، ومع الأسف لا تميزها عن المدنيين، فالقضاء عليها لا يمكن تحديده بزمن شهر أو شهرين. ومن هنا ظهر الحل بالضربات الجوية، فتولت الولايات المتحدة والدول الغربية ضربهم في العراق، والدول العربية ضربهم في سوريا.
ولكن ما يثير الكتابة هو القول بأن الضربات الجوية لم تجدِ، وهذا غير صحيح. وما يدلل على ذلك أن ثلث العراق سقط في أقل من أسبوع، بينما مدينة في سوريا تعرف بمدينة كوباني لم تسقط بأيدي العصابات الإجرامية منذ استهدافها قبل ثلاثة أشهر، وذلك بفضل من الله ثم بفضل الضربات الجوية التي حدت من تقدم هؤلاء المجرمين. فتطهير المدينة تماماً من هذه العصابات يكون عن طريق الجيش البري، وهذا ما فعله البشمركة العراقي؛ لأن الضربات تحد من تمدد الجماعات الإجرامية، والجيش يفنيها تماماً.