هو يحيى بن شرف وشهرته بالإمام النووي كبيرة جداً، فالكثير من الناس يعرف لقب الإمام النووي ولا يعرف اسمه، (وُلد في بلدة نوى التابعة - الآن - لمحافظة درعا السورية والتي عرفها في هذه الأيام القاضي والداني كونها تشهد صراعاً دامياً بين قوات النظام السوري والثوار).
وبعيداً عن السياسة ودهاليزها، والعصر الحاضر وهمومه وآلامه، لنذهب إلى بلدة نوى في عصر هذا الإمام أي القرن السابع الهجري، فهو قد وُلد سنة (631 هـ) وتوفي سنة (676 هـ) أي كافة سنوات حياته لا تتجاوز (45) سنة، لكن هذه العقود الأربعة نتج عنها إنتاج علمي غزير، ليس الأمر مقتصراُ على ذلك بل نتاجه العلمي أصبح مادة مهمة لكافة شرائح المجتمع، فالنووي هذا هو مؤلف كتاب شهير درج أئمة المساجد في بلادنا وفي الكثير من الدول القراءة على المأمومين منه منذ عقود بل قرون، ألا وهو كتاب رياض الصالحين، وألّف كتاباً كبيراً في الفقه الشافعي اسمه المجموع، وألّف كتاباً كبيراً اسمه روضة الطالبين.
ومن كتب النووي صغيرة الحجم كبيرة الشهرة، الكتاب الذي جمع فيه أربعين حديثاً نبوياً واشتهر باسم الأربعين النووية، ومن ذلك الوقت وحتى يومنا هذا وهذا الكتاب أصبح مقرراً للحفظ في المساجد وبعض الجامعات.
ولست هنا بصدد الحديث عن مؤلفات هذا الرجل، بل حديثي عن جانب مهم وهو النبوغ التأليفي مع العمر القصير قياساً بعشرات المؤلفين غيره، علماً بأن كتب هذا الرجل بالعشرات بل أكثر.
الرسالة التي يوجهها لنا هذا الرجل أنه مهما كان العمر قصيراً إلا أن لدينا القدرة على أن نقدم منتجاً ثقافياً وعلمياً مهماً لزماننا ولعدة أزمان وقرون.