وسط اجراءات أمنية غير مسبوقة وحضور امني وعسكري لافت للانتباه، ينتظر ان يتقدم اليوم أكثر من 5 ملايين ناخب تونسي الى 11 ألف مكتب اقتراع موزعة بين تونس والخارج لاختيار رئيس جديد للدولة من بين 22 مترشحا من سياسيين وحقوقيين ورجال أعمال (بعد انسحاب غير معترف به لـ5 مرشحين).
وقد تميز يوم الصمت الانتخابي امس باحترام كافة الأطياف السياسية لمقتضيات القانون الإنتخابي، فيما كانت الساعات الأخيرة من الحملات الدعائية ممزوجة بالكثير من التوتر حيث ركزت القنوات الفضائية التونسية الخاصة على مرشح وحيد هو الباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس الفائزة في التشريعية، والمرشح الأبرز للرئاسية. فقد فتحت هذه القنوات منابرها الحوارية المسجلة منها والمباشرة للسبسي ليحاول في الربع ساعة الأخير استمالة كافة شرائح المجتمع دون ان يقع في فخ تجريح وتخوين خصومه.
وكان السبسي حريصا على الحفاظ على صورته ناصعة في فكر الناخبين حتى من خارج حزبه، حيث فضل انتهاج سياسة المهادنة وخلق الأعذار لمنافسيه بالرغم من محاولات محاوريه جره الى التهجم على خصومه وعلى رأسهم المنصف المرزوقي رئيس الدولة الحالي الذي تميزت حملته الدعائية بالتصريحات العنيفة التي كال خلالها التهم للسبسي دون أن يسميه الى حد وصفه بالطاغوت، مما دفع اغلب مناصريه الى اعادة النظر في قرارهم التصويت لفائدته.ويرجح اغلب المراقبين ان ينحصر التنافس في الرئاسية بين المنصف المرزوقي والباجي قائد السبسي بالرغم من الحملات الدعائية المثيرة التي قام بها عدد من رجال الأعمال من ذوي المقدرة المالية الضخمة والتي شدت انتباه الناخبين طيلة اسبوعين... الا ان حظوظ هؤلاء المترشحين المستقلين في بورصة السباق نحو قصر قرطاج تظل مفتقرة الى الدهاء السياسي الذي برهن عنه المرزوقي والسبسي ومن ورائهما الماكينة الإعلامية النشطة التي جعلت من المترشحين الاثنين وقودا لحملاتها الاتصالية.
ويذكر انه قد انسحب إلى حد الآن 5 مترشحين، لكن أسمائهم ستبقى على ورقة الاقتراع، لأن هذه الانسحابات تمت بعد الآجال وبعد أن تمت عملية الطبع والتوزيع. ويمنح القانون الانتخابي مهلة 3 أيام بداية من غلق آخر مكتب اقتراع للإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية ولكن الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات ستسعى لاختصار هذا الأجل إلى يومين. ووفق القانون الانتخابي وفي حال عدم تحصل أي مترشح على أغلبية 50 بالمائة زائد صوت واحد، يتم اللجوء إلى دورة ثانية، يشارك فيها فقط المترشحان الحائزان على المرتبة الأولى والثانية في الدورة الأولى.
وقد منح المشرع الهيئة أجلا أقصاه يوم 31 ديسمبر 2014 لإجراء الدورة الثانية، غير أنه من الممكن إجراؤها قبل هذا الموعد إذا لم يكن حجم الطعون كبيرا أو تم الفصل في الطعون بشكل سريع .
أما بخصوص تدهور العلاقة بين حكومة المهدي جمعة واتحاد الشغل على خلفية رفض الحكومة الدخول في مفاوضات مع الإتحاد بشأن الزيادة في أجور الموظفين، وأمام تهديد الإتحاد بشن اضرابات بان علاقة حكومته بالاتحاد هي علاقة احترام وشراكة وحوار ايجابي،لكنه أشار في المقابل إلى وجود اختلافات في بعض الرؤى.
وحول انسداد المفاوضات بين الحكومة واتحاد الشغل، قال رئيس الحكومة « فضلت منذ اليوم الأول لتسلمي للحكومة أن أكون مسؤولا،مواقفنا واضحة ومبرّرة بالأرقام..وقمنا ببعض الجهد الاجتماعي لفائدة الموظفيين،بالتأكيد هناك اختلافات في بعض الرؤى،كان من السهل أن أوقع اتفاقيات صورية دون تجسيد،لكني اخترت المسؤولية على المزايدة».. ويرفض اتحاد الشغل الذي يقود الرباعي الراعي للحوار الوطني الذي أوصل المهدي جمعة الى رئاسة الحكومة، ترحيل المفاوضات حول الزيادة في الأجور الى الحكومة الجديدة ويطالب بفتح الملف قبل نهاية الشهر الجاري، فيما ترى حكومة جمعة بأن الوضع الإقتصادي المتسم بالتدهور الخطير لا يسمح في الوقت الحاضر بأية زيادات على أساس ان الدولة تواجه مصاعب خانقة لتوفير اجور الموظفين حاليا.
ويخشى الخبراء الاقتصاديون من تصعيد اتحاد الشغل لخلافه مع الحكومة بما يمكن ان يعمق جراح الاقتصاد المحلي ويدخل البلاد في سلسلة من الاحتجاجات العمالية والإضرابات.