أتابع في صحيفة الجزيرة في الآونة الأخيرة أنباء تدريب منسوبي الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عدد من المناطق، على برامج تشمل المعارف والمهارات الأساسية لعضو الهيئة، ومهارات التعامل مع قضايا السحر، وبرامج مهارات الإقناع والتأثير، وآخر حول مهارات التعامل مع قضايا العرض والأخلاق، كما قدّم برنامجاً مكثّفاً يحتوي على عدد من المسارات منها: مهارات التنبيه للصلاة، ومهارات الاحتساب في الأسواق، ضمن جهود الرئاسة لرفع كفاءة منسوبيها وتمكينهم من أداء مهامهم على الوجه الذي يؤدي رسالتهم على خير وجه وفي الوقت نفسه يجنبهم تربص المتربصين في حال أخطأ أحدهم أو تجاوزه وكأنهم جميعاً يخطئون بخطأ الواحد منهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأقول مستعيناً بالله إن المسلمين يفترقون عن المنافقين بعدَّة فوارق، من أهمِّها وأبرزها: أنَّ المسلمين امتازوا بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ حيث شرَّفهم الله بها وامتدحهم بإقامتها بقوله: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [آل عمران: 110]، وأمَّا المنافقون الطاغون فإنَّهم لا محالة سيعيشون على سياسة قلب الموازين وخلط الأوراق لمحاولة هزِّ القيم والمبادئ؛ لهذا وصفهم الله - تعالى - بقوله: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} [التوبة: 67]
وتُعدُّ تجربة (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) في المملكة العربيَّة السعوديَّة تجربة رائدة، حقَّقت إنجازات عظيمة، وخدمات جليلة، تستحق الإشادة والتأييد.
وإن هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقوم بجهود كبيرة في رعاية مصالح الناس والحفاظ على حقوقهم ورعاية حرماتهم وصيانة أعراضهم، وحماية العقيدة من شوائب الشرك والبدع والخرافات والسحر والكهانة، وإلزام الناس بإقامة الواجبات الشرعية، وحث الناس على إظهار الشعائر الإسلامية، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المتهاونين بها، وصيانة الأعراض وحماية الأخلاق الإسلامية والآداب الشرعية وحفظ الفضيلة مما يدنسها من سيئ القول والفعل، وقمع الرذيلة، ووقاية المجتمع من مخاطرها.
وعلى الرغم من نصح الهيئة للكثيرين وتلطفها معهم ودعوتها لهم للطاعات في أوقات الصلاة وغيرها لتذكيرهم نجد أن تسليط الضوء الإعلامي على نصف عمل الهيئة وهو النهي عن المنكر هو فقط ما يعرفه الناس من الأدوار الجليلة لهذه الجهة المهمة، ومن الغيب أن تجد الدنيا تقوم ولا تقعد من أجل مطاردة الهيئة أو تضييقها على هذا أو ذاك من المريبين، وهي شوارد يجمعها بعضهم ليصنع منها فتنة حول الهيئة ورجالها، في حين لا يلتفت أحد أبداً إلى مئات الفتيات اللائي ينقذهن رجال الهيئة، وعشرات مصانع الخمور التي يلغلقها رجال الهيئة، وغيرها كثير.
ولقد لاحظنا في الآونة الأخيرة تركيز الرئاسة العامة على توجيه العاملين في الميدان وتنمية مهاراتهم في التعامل مع المخالفين، عبر دورات متخصصة في كيفية التعامل مع الجمهور والآلية المثلى للتعامل مع المخالف.
وأخيراً بدأت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إيفاد بعض موظفيها إلى الخارج لدراسة اللغة الإنكليزية لأن المملكة الآن أصبحت مكاناً لجميع سكان الأرض بلغاتهم وعاداتهم وتقاليدهم ودياناتهم، ما يدعو ليتعلم رجال الحسبة أكثر من لغة حتى يستطيعوا أن يتعاملوا مع الناس، وهو نهج يدعونا للتفاؤل بمستقبل أفضل للحسبة ورجالها.