أجمع عدد من المسؤولين في وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على أهمية الندوة الدولية التي ينظمها مجمع الملك فهد بعنوان: (طباعة القرآن الكريم ونشره بين الواقع والمأمول) في المدينة المنورة في الثالث من شهر صفر 1436هـ، مجمعين في تصريحات لهم بمناسبة الندوة التي تستمر أعمالها ثلاثة أيام على أن مثل هذه الندوات والملتقيات التي ينظمها المجمع لها أثر عظيم في الحفاظ على التراث الإسلامي، ونشره، وخدمة كتاب الله في مختلف علومه وما يتصل به من كتابة وطباعة ونحو ذلك، ومؤكدين على أن المجمع أعظم صرح علمي شهده التاريخ في طباعة كتاب الله تعالى، وترجمة معانيه والذي يعد من صور خدمة القرآن الكريم.
مناخ فكري
ففي البداية، قال وكيل الوزارة لشئون المساجد والدعوة والإرشاد الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري: لا يخفى أن مجالات عناية مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالقرآن الكريم قد تعددت وتنوعت وشملت جوانب كثيرة، فكان من الطبيعي على مؤسسة كبرى بحجم المجمع، تهتم بحال المسلمين في أقاصي الأرض وأدناها، وتسعى لنشر كتاب الله وسنة رسوله بينهم، أن تسارع إلى عقد مثل هذه الندوات العلمية، والتي لها أثر عظيم في الحفاظ على التراث الإسلامي، ونشره، يشارك فيها متخصصون في القرآن الكريم وعلومه، وكذلك السنة النبوية المطهرة؛ لمناقشة أفكار العلماء والمفكرين والباحثين والمهتمين من أنحاء العالم الإسلامي، وتبادل خبراتهم، وخلق مناخ فكري وعلمي للحوار البناء، والتبادل الثقافي المثمر، وذلك من خلال اللقاءات العلمية والمحاضرات التي تتم في مثل هذه الندوات, والمجمع وهو يقيم مثل هذه المناشط يقدم خدمة جلَّى للقرآن الكريم، كيف لا وقد أنشئ لخدمة كتاب الله والعناية به إنطلاقاً من رسالة هذه البلاد المباركة في خدمة الإسلام والمسلمين وخدمة كتاب الله والعمل به والعناية العظيمة له باعتباره نبراس حياة أمة الإسلام ومصدر الإشعاع لها، يتجلَّى هذا واضحاً برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- لهذه الندوة المباركة.
تأصيل علمي
وأكد وكيل الوزارة لشئون الأوقاف الأستاذ خالد بن عبدالله العبداللطيف أن انعقاد هذه الندوة المباركة يأتي في سياق تلك العناية والرعاية التي أولاها ولاة الأمر -حفظهم الله- للقرآن الكريم، ولتكون هذه الندوة مبنية على أسس علمية مؤصلة ترفع من قدر وقيمة الواقع العلمي لأنشطة هذا المجمع الكبير والذي غطت مطبوعاته من نسخ القرآن الكريم وتفسيراته بمعظم لغات العالم ربوع العالم الإسلامي كله، كما يأتي عقد هذه الندوة لتنظم في عِقْد الندوات والملتقيات العلمية المتخصصة التي يُقيمها المجمع بين الحين والآخر عناية ورعاية للقرآن الكريم وتأصيلاً علمياً لما يقوم به المجمع من دراسات وبحوث وأنشطة عملية في هذا المجال، خدمة للإسلام والمسلمين في كل مكان، وتحقيقاً لأهداف ومقاصد تلك العناية الكبيرة بالقرآن الكريم وهي نشر القرآن الكريم في ربوع العالم الإسلامي، وتيسير حفظه وتجويده، والحث على العمل بأحكامه والتخلق بأخلاقه لتنشئة الأجيال الإسلامية تنشئة مباركة تنفعهم في دنياهم وأخراهم، وتقيهم من الشبهات والانحرافات.
تبادل الآراء
ويؤكد وكيل الوزارة المساعد لشئون المساجد الشيخ عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل الشيخ أن عقد مثل هذه الندوة العلمية المباركة يسهم في توفير المعلومات الحديثة من ذوي الاختصاص والخبرة، كما أن المناقشات وتبادل الآراء بين المشتركين في مثل هذه الندوة الدولية المتخصصة تقدم مادة علمية قلما تجدها في الكتب المتخصصة، طموحاً لتحقيق معايير الجودة العالية والشاملة ورفع مستوى الأداء وفق الأساليب المعتبرة ومفاهيم الجودة والأنظمة العالمية.
وقال آل الشيخ: إن العناية بكتاب الله -عز وجل- ونشر علومه من أجل الأعمال التي يتقرب بها إلى الله تعالى، وقد نهض السلف بذلك، فكان لهم في خدمة القرآن الكريم وعلومه قصب السبق، ويشهد على هذا وفرة المصنفات التي ألفت في التفسير وعلوم القرآن، وعلماء السلف كانوا يتنافسون في بلوغ شرف خدمة الكتاب العزيز، ولهم في الحديث الشريف الذي رواه البخاري من حديث عثمان رضي الله عنه أسوة حسنة (إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)، وفي مقولة الإمام الشافعي -رحمه الله- المشهورة بيان ذلك: (ليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها).
وأبان أن أهداف وغايات مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف تكمن بأنها من أجل صور العناية بالقرآن الكريم حفظاً، وطباعة، وتوزيعاً بين المسلمين في مختلف أرجاء المعمورة، وكذا إقامة الندوات التي تعنى بالقرآن الكريم وعلومه، وبالسنة والسيرة النبوية وهذه الأهداف تعد الصورة المشرقة والمشرّفة الدالة على تمسك المملكة العربية السعودية بكتاب الله، وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- اعتقاداً ومنهاجاً، وقولاً، وتطبيقاً، وهذا الأمر ليس مستغرباً من هذه البلاد المباركة التي قامت بإعلاء كلمة التوحيد، ورفعت رايته خفاقة عالية، حين تعتني بكتاب الله عز وجل وتستنه شريعة ونبراساً.
فوائد الندوات
أما وكيل الوزارة للشئون الإدارية والفنية الأستاذ عبدالله بن إبراهيم الهويمل فقال: من البديهي جداً أن يكون القرآن الكريم والسنة النبوية في صدر أولويات حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد -حفظهم الله- لأن القرآن الكريم هو دستور المملكة الأعلى، والحاكم على جميع الأنظمة التي تصدرها الدولة، وتنظم شئونها الداخلية والخارجية، وأن من أعظم وجوه عناية المملكة بالقرآن الكريم: إنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، الذي يعد أعظم صرح علمي في العالم، في مجال طباعة المصحف الشريف، وكل ما يتصل بذلك من البحوث والدراسات.. وقد قام هذا المجمع العظيم برسالته خير قيام.
وأشار الهويمل إلى أن من أهم الأعمال التي يقوم بها المجمع في سبيل تطوير أعماله، ورفع مستوى أدائه في خدمة كتاب الله تعالى: إقامة الندوات والمؤتمرات العالمية؛ لتبادل الخبرات، وتعزيز البحوث العلمية، والاستفادة من كل جديد. وفي ذات السياق تأتي هذه الندوة الدولية عن (طباعة القرآن الكريم ونشره بين الواقع والمأمول). وتكمن أهمية هذه الندوة في دراسة الواقع الحالي لطباعة القرآن، والوقوف على مستوى الطباعة من الناحية العلمية، ومن ناحية نشره بين الناس، وتوفيره بكميات كافية، لتتضح الإيجابيات والسلبيات، وتتبين المعوقات؛ ليكون القيام بتعزيز الإيجابيات، وإزالة السلبيات والمعوقات، مبنياً على أسس علمية رصينة. وقد ظهرت فوائد هذه الندوات العلمية من خلال النتائج والتوصيات التي أسفرت عنها الندوات السابقة.
خدمة القرآن الكريم
وقال وكيل الوزارة المساعد للشئون الإسلامية الشيخ عبدالرحمن بن غنام الغنام: إن عقد المجمع لهذه الندوة وما سبقها من برامج علمية خاصة في مجال عقد الندوات والملتقيات والمسابقات ونحوها التي نظمها المجمع خلال السنوات الماضية يأتي تجسيداً لالتزام المملكة العربية السعودية، وتمسكها بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- في كافة شئونها، وإبرازاً لجهود المجمع في خدمة القرآن الكريم طباعة وتوزيعاً، إلى جانب ترجمة معانيه باللغات المختلفة وتزويد المسلمين بذلك في أنحاء العالم، وقد جاءت في وقت والأمة الإسلامية في أمس الحاجة إلى ما يربطها بكتاب الله عز وجل المصدر الأول لدينها.
ووصف الغنام عقد الندوة بأنه رافد من روافد العناية بكتاب الله، وأن ما سينتج عنها من توصيات ومقترحات، سيسهم بإذن الله في الرقي بطباعة القرآن ونشره، واستشراق للمستقبل وتطلعات الأمه فيه، خاصة وأن المشاركين في هذه الندوة من أهل الاختصاص والإتقان في جميع فنون الطباعة والنشر وممن هم على اطلاع على المستجدات في هذا المجال، وجميع أفرع الطباعة والنشر وما يتعلق بها من وسائل وأجهزة وهي منهج احترافي يجمع هذا وذاك لأجل الوصول إلى رؤية قيادتنا الرشيدة سددها الله ووفقها لما فيه عز الإسلام، وصلاح المسلمين.
مشروع حضاري
وأشاد مدير عام فرع الوزارة بمنطقة المدينة المنورة الدكتور محمد الأمين الخطري بالدور العلمي الذي يقوم به المجمع بتنظيم الندوات والملتقيات ذات العلاقة بالقرآن الكريم، كما إن مجمع الملك فهد مشروع إسلامي حضاري رائد؛ جسد الكثير من الدلائل وترجم العديد من المعاني الإسلامية، إذ إنه وسيلة حضارية ذات دلالة إيمانيه بما حققه ويحققه المجمع من وعد الحق تبارك وتعالى بحفظ القرآن الكريم في قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (9) سورة الحجر، حيث تجسد طباعة المصحف حفظه في السطور إلى جانب حفظه في الصدور، كما يجسد المجمع جانباً آخراً من جوانب الحفظ، متمثلاً في حفظ القرآن الكريم وصيانته من عبث الباحثين والدارسين المتطاولين عليه الهادفين للنيل منه والطعن فيه، حيث يتصدى المجمع لذلك بالبحوث والدراسات الرامية لبيان الحقائق من خلال الندوات والمؤتمرات العالمية وغيرها، إلى جانب العمل على إبراز الجهود العلمية الإسلامية في خدمة القرآن الكريم قديماً وحديثاً، كما يعمل المجمع على إجراء ورعاية البحوث والدراسات العلمية الرامية إلى توظيف جميع التقنيات الحديثة في خدمة كتاب الله، وبشكل متواكب مع حركة التقدم العلمي التقني، وبالشكل الذي يخدم الكتاب العظيم في ظل أحكام ومبادئ وتعاليم الكتاب نفسه، مشيراً إلى إن المجمع قدم خدمة إسلامية حضارية للأمة الإسلامية بتقديمه القرآن لكل مسلم، وترجمة معانيه لكل اللغات العالمية الحية.