ما عاد في وسع الضمير العالمي الصمت أكثر من ذلك على هذه الخروقات الأخلاقية المتجاوزة لكل الأعراف الدولية والإنسانية التي تنتهك في حق الأقصى وأهله من الفلسطينيين الذين تبدو مساعي سلطات دولة الاحتلال الإسرائيلية جلية لجرهم إلى هوة يأس عميق من انبلاج فجر حل لقضيتهم التي تجاهلها العالم طويلاً، ووضع آصابعه في أذانه حتى لا تصل إلى سمعه مناشدات المخلصين الباحثين عن الحق والعدل لشعب مارست دولة الاحتلال في حقه أبشع أشكال الانتهاكات الإنسانية، بدءا بانتهاك الأرض مروراً بانتهاكات الأنفس، ووصولاً إلى انتهاك المقدسات التي لا وزن لها في موازين إسرائيل المائلة الجائرة على كل حق لصالح أبناء أرض فلسطين المحتلة لصالح عصابات الاحتلال ومستوطنيه الذين يعيثون في الأرض فساداً بمباركة دولة احتلال لم تكتف بإغضاء الطرف عن جرائم مستوطنيها، بل توجهت أخيراً إلى مشاركتهم همجيتهم وجورهم على أراضي أهل فلسطين وبيوتهم ومزارعهم ومقدساتهم ثم أرواحهم التي تزهق كل يوم في شوارع فلسطين وفي سجون الاحتلال، في مشهد لا يمكن وصفه بأقل من أنه جرائم حرب من الدرجة الأولى دأبت دولة الاحتلال على ارتكابها في حق الشعب الفلسطيني منذ الاستيلاء على أرضه من دون وجه حق بمقتضى وعد بلفور الجائر المهزلة الكبرى والمظلمة الكبرى أيضاً التي تواطأت على ارتطابها في حق الشعب الفلسطيني، قوى الإمبريالية العالمية، وما زالت تواصل التواطؤ عليها بهذا الصمت المتجاوز لكل موثق من مواثيق حقوق الإنسان.
وحتى يفيق الضمير العالمي، فإن حاجة الأقصى ماسة أمام هذه الهجمة البربرية عليه من جنود الاحتلال وقطعان مستوطنيه، إلى تدخل عربي قوي يليق باللحظة الراهنة، ويحقق تطلعات أبناء فلسطين في قادة أمتنا العربية.