في أحد المطاعم الشعبية الشهيرة في الرياض، وفي يوم الجمعة الفائت والمخصص للعائلات فقط، شعرت بأن هناك دورة خليج أخرى، داخل المطعم، ويسمح فيها حتى للعائلات بالمشاركة، لكن التنافس هذه المرة، ليس داخل الملعب، وعلى ركل الكرة، إنما على تذوق الأكلات الشعبية النجدية الشهية، فهذا عماني وذاك كويتي وثالث قطري، لم أتحدث مع أي منهم، فالمطعم حوله أشقاؤنا إلى خلية نحل نشطة، لا مجال فيها إلا لشرب القهوة وانتظار الدور، ولكني عرفتهم من اللباس واللهجة، وهي أشياء نستطيع تمييزها بسهولة بيننا كخليجيين، وهي من تميزنا أيضاً عن كل شعوب العالم، وأنا أحتسي قهوتي كنت أتأمل في المشهد، وشعرت حينها بأن دورة الخليج بالفعل تجمعنا، بعيداً عن الأمور الفنية، وعن تصريحاتها النارية، وملاسناتها العنيفة أحياناً، والتي يخرج بعضها عن النص كثيراً، ولكنها أشياء تعد بسيطة وعابرة، لا تكدر ولا تعطل الهدف الأساس والأسمى من إقامتها، وهو تجمع وتقوية أواصر وحبال الأخوة والمودة، بين أبناء المجلس، حكومات وأفرادا ولاعبين وجماهير وحتى عائلات، ولا أدل على ذلك من شد حبل الأخوة بين بعض دول المجلس، والذي تعرض للارتخاء حيناً من الدهر، ولكنه لم ولن يتعرض للقطع أبداً، وهذا كله يحدث على هامش دورة الرياض، وهناك وفي أطراف المدينة تجمع آخر، في منتهى الجمال والروعة، يحدث لأول مرة في دورات الخليج، يجمع بين إعلاميي المنطقة، في استراحة الإعلاميين، وهذا التجمع بالذات، أحدث حراكاً وجمالاً وصخباً على الدورة، وكان التجمع، بسيطاً وبعيداً عن البروتوكولات والرسميات المصاحبة لمثل تلك اللقاءات، وخدم (هدف) الدورة، القائم على التقارب بين أبناء الخليج، بشكل مباشر وقوي، وتجاوز هذا كله، إلى الربط حتى بين بعض الأطراف المتنازعة من نفس البلد!! فكلنا شاهد تلك اللقطات والصور الجميلة التي جمعت، بين مسؤولي الهلال، وبعض الإعلاميين النصراويين، والذين كانوا يتطاحنون ويتنافرون خلال هذا الموسم، أخيراً قد نتفق أو نختلف، حول الأمور الفنية للدورة، ولكن ما خرجنا به من دروس، سياسية، واجتماعية، وأخوية، على هامش هذه الدورة، تجعلنا نطالب بالتمسك بها، وإقامتها على الدوام، حتى لو (أفلست) فنياً، وهي رد في المقابل، وفرصة لكل من طالب، بإلغائها، لإعادة النظر والإمعان في قيمتها، التي اختزلت فقط في التنافس حول اللقب، ومدى جدواها الفنية.