ترن.. ترن. جمعت أوراقي وأقلامي وصعدت درج المدرسة، دخلت غرفة الفصل، وبعد البسملة سجلت أناملي درس اليوم ثم بدأت بجولة البحث المعتاد.. وبينما كنت أجول كعادتي بين صفوف الطلاب للوقوف عند أداء الواجب.
وقعت نظرتي على طالب خلت إنه لم يحضر واجب اليوم كعادته اقتربت منه ثم خطرت على بالي فكرة، أطلقت عبارتي: هيا يا محمد أقرأ موضوعك الإنشائي فماذا كتبت؟ وعيني تقرأ عبارات وجهه التي فاضت خجلاً، ولكنه جذب نفسه وألقى نظرة بين دفتي دفتره وقرأ ثم قرأ واستمر يقرأ ويطلق من العبارات ذات الأسلوب الرائع والتي لبست حلة عيدها في أبهى الجمل وأحلى الكلمات قدمها بأسلوب جميل وعلى طبق من فضة.
يفتح أوراق الدفتر ويسترسل ويرمي بهذه العبارات واصفاً الموضوع بجلّ اهتمامه ويؤيدها ويزكيها بأدلة تزيدها جمالاً ووضوحاً، مما جعل نظرتي له ترتقي إلى أعلى مستوى وعلامات التعجب والاستحسان تفيض من خاطري، وكلما زادت عباراته تنمقاً زاد خاطري له عجباً حتى إن الفرحة لم تسعني. وودت حينها تقبيل رأسه. وعندما رسا على آخر المطاف أشرقت ابتسامة كتمتها قي خاطري وفرط جزء منها. وبادرته بكلمة:
- إلي بدفترك حتى أصوبه لك. رد بكلمات متقطعة:
- لا.. لا يا أستاذ ليس اليوم لا أريد...
رفض بشدة ثم دنوت منه وسحبت الدفتر فتحته وبعبارات الثناء التي ازدانت بخاطري وتضخمت حتى تكاد أن ترحل مني فجرتها على دفتره وفرحتي به تعانق عباراتي وبكل الامتنان وقعت وكتبت ممتاز على أوراقه البيضاء.