كم هو خطير من خرج علينا به الكاتب سعد الدوسري في العدد 15384 من صحيفة الجزيرة تحت عنوان «بصمة الظهر النشيطة»، متحدثاً فيه عن توجه معظم المؤسسات الحكومية والأهلية إلى استخدام البصمة الإلكترونية، كبديل عن دفتر الحضور والغياب. ومع وجهة نظره التي أرى أنها سديدة في كون البصمة قد تضمن حضور الموظف لكنها لا تضمن همته في العمل فضلا عن قدرة بعضهم على التزويغ بعد توقيع البصمة، إلأ أن أكثر ما لفت انتباهي هو المخاطر الصحية للبصمة الإلكترونية؛ «لكونها قد تتسبب (حسب الأبحاث الطبية) في حدوث أمراض جلدية مستعصية، أو في حدوث طفرات للحمض النووي، ينتج منها عيوب بالمواليد. كما أن هذه الأجهزة تطلق أشعة x-ray؛ وبالتالي تتعرض له اليد دون واقٍ؛ ما يركز عملية الإصابة. والضرر لن يحدث على المدى القريب، بل قد يصل إلى أكثر من 10 سنوات». وما إن فرغت من قراءة هذه الفقرة من مقال الكاتب الموقر الذي تطرق لقضية خطيرة لا أعرف غيره تطرق إليها، حتى تفاءلت بأن كثيراً من القيادات الإدارية لن تقف أمام خطر مثل هذا وقوف الكرام خاصة وأنهم هم أنفسهم سيضارون شأن بقية الموظفين من البصمة، لكن الأستاذ الدوسري عاد وصدمنا بقوله: «لا أحد من كبار المسؤولين يلتفت لهذه التحفظات؛ لأنهم أصلاً لا يبصمون. ولو أنهم تعاملوا مع الأمر بجدية لوجدوا العديد من البدائل التي تضمن انضباط الموظفين، دون دفاتر، ودون بصمات، كتسجيل الدخول للنظام الإلكتروني، والاستمرار بالدخول حتى نهاية وقت الدوام. ويستطيع مراقب الفترة معرفة استمرار الموظف في العمل وإنجازاته عبر شاشته الصغيرة».
ولعلي أضيف إلى حديث الكاتب عدوى أمراض على شاكلة الإنفلونزا التي من السهل انتقالها من التقاء مواضع الأصابع على أجهزة البصمة التي تعد بيئة مثالية لنقل الأمراض شأنها شأن مقابض أبواب الحمامات والصنابير والشطافات، الأمر الذي يتساهل كثيرون في غسل أيديهم بعده.
ويبقى السؤال: هل ما ذاكره الكاتب فقط هاجس من عدم اكتراث الموظفين الكبار في المؤسسات الحكومية والأهلية لأمر البصمة لأن ضررها لن يطولهم، وأننا سنسمع لاحقاً عن وقف جهات كثيرة التوقيع للبصمة حرصا على صحة قطاع كبير من موظفي الدولة والقطاع الخاص، وحتى نوفر على بلادنا علاج الحالات المرضية المتي ستتفاقم أعدادها لو صحت هذه المعلومات، أم أن هؤلاء سيغضون الطرف وكأنهم لم يقرأوا شيئا، الأمر الذي أراه مؤشراً خطيراً يستدعي تحركاً من جهات كثيرة لوقف هذا الخطر بعد تأكيد احتمالات وقوعه، ولتبحث هذه الجهات لنفسها عن طريقة أخرى تضمن بها انضباط موظفيها، مثل هذه التي ذكرها الكاتب في طي مقاله، وليست بالمهمة المستحيلة، بل هي ممكنة جدا وسهلة التطبيق، إلا إذا كانت صحة الناس لا تستحق العناء عن بعضهم.