علمت من عدد صحيفة الجزيرة رقم 15384 أنه يتم الانتهاء من مشروع قطار دول مجلس الخليجي نهاية عام 2018م، ولقد تابعت ما قاله اقتصاديون عن إسهام هذا المشروع الكبير في رفع معدل التجارة البينيّة بين دول مجلس التعاون الخليجي بما لا تقلّ نسبته عن 40 في المائة عمّا هي عليه الآن وأوضحوا أنّ اكتمال الربط الحديدي بين دول المجلس سيساعد كثيراً في تدفق السلع والبضائع ونقل المسافرين بين دول المجلس، ما ينعكس إيجاباً على اقتصاديات الدول الخليجية إضافة إلى تحقيقه البعد الاستراتيجي للمنطقة ككل، وأبعاد أخرى اجتماعيّة وأمنيّة وسياحيّة.
كما سيساعد هذا المشروع على تخفيف الضغط الكبير الذي يعاني منه جسر الملك فهد وتكدّس الشاحنات والاختناقات المرورية التي بشهدها باستمرار، وذلك يؤثر سلباً على حركة المسافرين وحركة الشحن والبضائع ممّا يستدعي وجود بدائل أخرى مساندة في تحمّل هذا الضغط الكبير، والوسيلة الأنسب لحلّ هذه المشكلات هي إنشاء سكّة الحديد التي ستقوم بالربط بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي للقضاء على مشكلات النقل والشاحنات خصوصاً جسر الملك فهد الرابط بين السعودية والبحرين.
فضلا عن تسهيل حركة التنقل بين دول المجلس وتسهيل حركة انتقالات السيّاح لاسيمّا أنّ دول المجلس التعاون الخليجي تحظى بإقبال كبير من السيّاح الأجانب القادمين من مختلف دول العالم، فهذا المشروع سيعدّ نقلة حضارية وسياحية تتميّز بها دول المجلس وأنّ المشروع يعدّ نواة حقيقية للانطلاق نحو الأسواق الخارجية.
لكن يبقى هذا المشروع المهم رمزاً لوحدتنا نحن الخليجيين وشرياناً إضافيًا يربط بين أراضينا ومجتمعاتنا ولاسيما في ظل خط سير القطار الذي يجسد هذه الفكرة فمسار سكة حديد دول المجلس سيبدأ من الكويت مرورًا بالدمام إلى مملكة البحرين ومن الدمام إلى قطر عن طريق منفذ سلوى وسيربط قطر بالبحرين، ومن السعودية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وصولاً لأبو ظبي والعين ومن ثم إلى مسقط عبر صحار.
وتتوالى الأنباء عن تقدم العمل في المشروع الذي يترقبه كل خليجي فدولة الإمارات العربية المتحدة استكملت إنشاء أجزاء من مشاريع السكك الحديدية الوطنية وستبدأ في إنشاء مشروع سكة حديد دول المجلس، بالإضافة إلى بدء السعودية إنشاء جزء من سكة حديد دول المجلس التي تشكل أيضا جزءا من مشاريع السكك الحديدية الوطنية، في حين وقعت كل من دولة قطر وسلطنة عمان عقوداً استشارية لإعداد التصاميم الهندسية لمشروع سكة حديد دول المجلس ومشاريع السكك الحديدية الوطنية فيها، وكذلك عقود استشارية لإدارة المشروع، وهذا كله تحت إشراف الأمانة العامة التي تتابع مع الدول الأعضاء مراحل تنفيذ المشروع للتأكد من تنفيذه بشكل متكامل ومتوائم مع شبكات السكك الحديدية الوطنية بدول المجلس. كما أن دول الأعضاء حققت عددا من الإنجازات تخللت في تحديث مسار سكة حديد دول المجلس ونقاط الربط ما بين الدول المتجاورة وتوقيع إحداثيات المسار على خرائط هندسية، وكذلك توحيد المواصفات والمعايير الفنية بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية في هذا الشأن، بالإضافة إلى إعداد دراسة من قبل المؤسسة العامة لجسر الملك فهد، لجدوى الربط بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية بمشروع سكة حديد دول المجلس عن طريق جسر مقترح إنشاؤه بين البلدين موازياً لجسر الملك فهد.
إن هذا الحرص الكبير من قادة دول مجلس التعاون على ربط بلداننا بمثل هذه المشروعات يملأنا تفاؤلاً لمستقبل خليجنا العربي، فمن شأن هذه المشروعات تعميق الروابط بيننا وبين إخواننا على جميع الصعد وهو ما نحبه ونتمناه.