طالعت في العدد 15382 من صحيفة الجزيرة تصريحاً لوكيل وزارة الشؤون الإسلاميَّة لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري مفاده أن الوزارة تقوم برصد ما يتم في مواقع التواصل الاجتماعي من قبل منسوبيها من الخطباء والأئمة والدعاة الرسميين والمتعاونين ومنسوبي المكاتب التعاونية وكل ما له علاقة بعمل الوزارة، ودراسة ما يحصل من تجاوزات ومعالجتها، مشيرًا إلى أن الوزارة تعاونت مع عدد من المشايخ وطلبة العلم والمهتمين بل وفرغت عددًا من دعاتها للعمل على تبصير الناس وتوعيتهم والرد بالحجة على المشككين والمضللين في المواقع الإلكترونية.
ولعل هذه تكون بداية الطريق الصحيح ليس من أجل الحفاظ على أجيال بلادنا فقط، بل انطلاقاً من دور المملكة في الدعوة الإسلامية على نهج السنة النبوية والسلف الصالح إذ تستحوذ الشبكة العنكبوتية على اهتمام الباحثين عن تعاليم الدين لما فيها من سرعة استقاء المعلومات ووفرتها، وأقبلت الجاليات الإسلامية بالغرب على المواقع الإلكترونية تأخذ منها ما تعتبره من صحيح الدين.
وعلى الرغم من الإحصائيات التي تشير إلى أن عدد المواقع الإسلامية التي تخدم الدين الإسلامي مازالت محدودة ولا ترقى إلى المستوى المطلوب، فإن هناك إقبالا كبيرا من الجاليات الإسلامية على تعلم الإسلام عن طريق تلك المواقع، خاصة مع عدم وجود مؤسسات دينية كالأزهر الشريف في بلادهم لتلقي المعلومات الدينية الصحيحة منها.
وتواجه الأقلية الإسلامية مشكلات عدة في مجهودها الرامي للحفاظ على وجودها، وتعليم مبادئ الإسلام للصغار والكبار وتعريفهم بصحيح دينهم وتعريف غير المسلمين بكل ما له صلة بعقيدة الإسلام وتاريخه ورجاله.
وقد نبه العلماء إلى أن الإنترنت رغم ما فيه من منافع كثيرة إلا أن فيه مضار شأنه شأن كل المخترعات الحديثة، ولذلك ينبغي على المسلم أن يتحرى المعلومات التي تتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي فيأخذ عن المصادر الموثوق بها صحيح الدين والتي تدعو إلى الوسطية وتنأى عن التطرف والإرهاب والتعصب المقيت، وهو ما قد يشكل خطورة كبيرة، خاصة إذا كانت هذه المواقع غير متخصصة ومجهولة الهوية والانتماء.
وإن هناك احتمال استقاء معلومات من مصادر غير موثوق فيها، فالباحث عن المعرفة الإسلامية قد يجد نفسه يقرأ أفكارا نعاني نحن منها الآن، فهو يحتاج إلى أن يرجع إلى الجهات الموثوق فتعلم الدين عن طريق الإنترنت مع ما فيه من سرعة في الوقت وتوافر في المعلومات فيه خطر كبير، وذلك بسبب وجود تحريف وقلب للمعاني، وشيوع مواقع كثيرة للهواة الذين لا نتهمهم بتعمد الخطأ فيما يكتبون وينشرون وإنما ننبه إلى ما يترتب على تسامحهم وتجاوزهم وبعدهم عن المحقق من الأقوال، وشيوع روح التعصب في كثير من الكتابات، وكم أفسدت تلك الروح وجلبت المواجع والآلام واستدعت الحرب المدمرة بين الإخوة في الدين الذي جاء قاضيا على التعصب داعيا إلى الموضوعية والتعاون على البر والتقوى، ويجب علينا أن نجتهد متعاونين على الإفادة من التقنيات الحديثة فليس من الإسلام أن نهملها، ولدينا مواقع لمؤسسات مسئولة ولعلماء ثقات يحسن الرجوع إليها والإفادة منها، وأن ننبه الناس إلى المغلوط من المعلومات، حتى تتم الإفادة ويعم النفع.
وبالرغم من مخاطر شبكة الإنترنت وظهور صفحات ومواقع تتناول الإسلام والمسلمين بالنقد والتجريح والتشويه بالإضافة للصفحات التي تتداول المعلومات الدينية الخاطئة، فإنها في النهاية وسيلة تنقل المعلومات والمعارف، لذا يجب علينا أن نستخدم شبكة الإنترنت كوسيلة أنعم الله بها علينا - في نشر ما نعتقده من الحق ولا نحتكر الخير والهداية لأنفسنا.
فتحية لوزارة الشؤون الإسلامية والاوقاف على جهدها الذي نحتاج إليه في هذا الوقت.